الاقتصاد السوري بين تداعيات كورونا وقرارات الحكومة
د. مـديــن عــلــي
تؤكد المعطيات الحكومية /الرسمية المتعلقة بتطورات انتشار فيروس كورنا في سوريا، أن عدد الإصابات ما يزال مستقراً، وأن الإجراءات الحكومية المتخذة في إطار الإجراءات الاحترازية/الوقائية، ترد بصورة مستمرة، بناء على ضرورات المرحلة، وتطورات الوقائع والمعطيات، التي تخضع لتقييم دائم، ومراجعة مستمرة بناءً على رصد ومتابعة للتطورات الميدانية.
وهي إجراءات تدرجت بمستويات مختلفة ،بدأت من الإجراء المتضمن تقليص عدد العاملين في المؤسسات الحكومية، مروراً بإجراءات منع التجول من الساعة السادسة مساءً إلى الساعة السادسة صباحاً، ومن ثم منع التجول والانتقال من ارياف المدن إلى مراكزها، وتمديد إيقاف الدوام في المدارس العامة والخاصة لغاية 16/4/2020، ومطالبة البلديات ومجالس المحافظات والمدن بمتابعة إجراءات التعقيم والوقاية، وتوزيع الخبز بصورة منتظمة وطبيعية كالمعتاد، من كل ذلك إلى القرار المتضمن توقيف مطالبة المقترضين والمتمولين من المصارف تسديد الأقساط المستحقة، مع وقف الغرامات والفوائد لمدة ثلاثة أشهر بدءاً من يوم الأحد تاريخ 29/3/2020.
مما لا شك فيه أن قطاعات الاقتصاد السوري ستتأثر إلى حدٍّ كبيرٍ، بمفاعيل الإجراءات الاحترازية / الوقائية المُتخذة من قبل الحكومة السورية، في إطار المساعي والجهود التي تستهدف الوقاية من انتشار فيروس كورونا، إذ أن القرارات المتعلقة بتعطيل العمل بنسبة كبيرة من المؤسسات الخدمية (التعليمية وخدمات النقل والاتصالات والسياحية والتجارة الداخلية في المواد غير الغذائية...وغير ذلك من مؤسسات ومتاجر خدمات المستهلك). الأمر الذي سيتسبب بتراجع كبيرٍ في حجم الإنتاج، وبالتالي في حجم أرباح المؤسسات الرابحة، أو زيادة حجم الخسائر للمؤسسات الخاسرة، كما سيتسبب بتوقف الإجراءات المتعلقة الموارد الطبيعية للخزينة العامة للدولة، وإيرادات المصارف، من الأقساط المستحقة والفوائد وعمليات التوظيف والإقراض، إذ اضطرت المصارف جراء الظروف الراهنة، لأن تتوقف عن الإقراض والتمويل وتقديم التسهيلات المالية بصورة مؤقتة ولتاريخ لاحق. الأمر الذي سينعكس بصورة سلبية على معدل النمو الاقتصادي، وحركة مجمل المتغيرات الاقتصادية على المستوى الكلي والجزئي (الاستهلاك والادخار والاستثمار والتجارة الخارجية والعمالة والتشغيل ....... وغير ذلك.
وفي الأحوال كافة، لابد من التأكيد على أن الإجراءات الحكومية والتدابير المتخذة لمواجهة احتمال انتشار الوباء، تعد ضرورية واستراتيجية، وذلك بالرغم من المنعكسات السلبية المباشرة وغير المباشرة، والنتائج غير الإيجابية، التي سوف تترتب على مؤشرات الاقتصادي، على المستويين الكلي والجزئي والوضع المالي بصورةٍ عامة، لأن النتائج والمنعكسات المالية والاقتصادية لانتشار الوباء، ستتجاوز بكثير حجم الخسائر والتداعيات الناجمة عن القرارات الحكومية، التي أمرت بتعطيل جزئي ، وبنسب متفاوتة ،وبحسب النشاط والاختصاص للمؤسسات والمنشآت الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، التي تعاني في ذات الوقت من تأثير المفاعيل السلبية العقوبات الاقتصادية الجائرة، والإجراءات القسرية أحادية الجانب، منذ أكثر من عشر سنوات، والتي أسهمت في تحميل الاقتصاد السوري خسائر كبرى، وخلقت ظروف موضوعية، حالت دون تمكين الحكومة السورية من تنفيذ عمليات الصيانة والإصلاح أو التجديد بصورة مقبولة، لمعظم مكونات البنية التقنية والتكنولوجية في جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية ، وفي مقدمتها أجهزة وتقانات المشافي والمراكز الطبية والصحية اللازمة والضرورية في هذه الظروف.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: