Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"الآس" في دمشق.. جميعهم وحدوا روائحهم.. "لا تأتي إلى هُنا"!

"الآس" في دمشق.. جميعهم وحدوا روائحهم.. "لا تأتي إلى هُنا"!

خاص/ حسن سنديان 

في دمشق "أصغر الأمور كبائرها".. يستيقظ الناس على ظهورهم متأملين عرض السماء. والهم.. "لقمة العيش" التي أصبحت من الكبائر، يبدأ القلق مع صراخ أول مولود جديد، لابل عندما يُقص الحبل السري لهذا المولود، فمن الألم تناجي اليدين حدود السماء ربما فرج قريب. 

وتبدأ المسيرة في هذه المدينة، الحرب جعلتها مأوى لمن ليس لديهم سقف يأويه، جمعت كل الألوان، أغلبهم هربوا إلى هذه المدينة مخبئين ما تبقى من الموت تحت أظافرهم بعد عراك طويل على أمل اكتساب فرصة أخرى في الحياة. هنا بدأت الصدمة، رأوا من يشابههم في هذه المصيبة.. يبدأ كل شي صغير هنا ومن ثم يكبر، بعكس الموت تماماً عندما يخلق كبيراً ويصغر، كل شيء مختلف في هذه المدينة حتى الموت يكبر، رغم اختلاف المعادلة. 

أتوا "بالآس" من جميع محافظاتهم، ذلك النبات الذي يوضع للموتى كي تتوحد روائحهم ولا تختلف واحدة عن الأخرى، فوحدوا مصيبتهم "الفقر" برائحتها وطعمها ولونها. تراهم نفس صفقة اليدين عند وقوع المصيبة.. تعابير الوجه ذاتها. حتى الفرحة ذاتها إن وجدت.. قلوبهم صفراء باردة جمعيهم لا شيء يعجبهم "مو كبرة" لكن كما قلنا "أصغر الأمور كبائرها" إلا أن لقمة العيش لا زالت تصغر وتصغر هنا.  

في هذه المدينة، الملونة بأهلها من أغلب المحافظات، تراهم جميعهم عابسون من اللافتات "الوطنية" ربما اعتادوا على "العرس الوطني"، والشعارات دون أن يعترضوا، فقط يمتعضون من هذه العبارات الرناناة التي تسمح لهم "بالبساق" تعبيراً عن غضبهم.. أو هومتنفس نوعاً ما.

أما أنت فإياك أن تأتي إلى هنا لايغرّك ذاك المنظر لا تجعل هذه المدينة تغرك.. العيون هنا أصبحت متورمة من البكاء، الحجار أصبحت صماء، هناك الكثيرون فقدوا في هذه المدينة رغم صغرها.. أصبح قاطنوها يتأملون في أشياء بعيدة عن مخيلتك تماماً.. رغم حرارة الصيف باتت زوايا الجدران مبللة بدموع الخسران لا تأتي.. في كل زاوية وكل "زاروبة" هناك حلم اندثر وتحطم، لا تأتي إلى هنا أهرب لأن "أصغر الأمور كبائرها"، ليس أكثر.

 

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: