«أبخازيا - كراجات»
أشعل خبر تبادل التمثيل الدبلوماسي بين سورية والدولة المعزولة عن العالم الخارجي وغير المعترف بها "أبخازيا"، مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، ليتلقف الجمهور كلمة "السماح بالدخول بدون تأشيرة"، وينسى البحث في بقية تفاصيل الخبر، وراحت المنشورات المعرفة بجمال الطبيعة وسحرها وطبيعة الاقتصاد في الدولة التي لا يعترف بوجودها سوى خمسة دول في العالم من بينهم سوريا، ليصدم الجمهور تالياً بنبأ عدم وجود مطار في الدولة التي تحولت إلى "حلم يقظة"، بالنسبة للسوريين الذين يأملون بمكان سكن مكتمل الخدمات، لكن كيف تلقى الفريق الحكومي مثل هذه المنشورات..؟، وهل تأثر أصحاب الحقائب الوزارية الخدمية بالكم الهائل من تذمر سكان سوريا من سوء أداء وزاراتهم..؟.
قد يكون من المنطقي الانتظار قليلاً للحكم على أداء حكومة "حسين عرنوس"، والتي جاءت في مرحلة تشهد فيها البلاد أزمات مركبة، من حيث تأمين مادة الخبز وقلة وصول النفط ومشتقاته إلى الموانئ السورية بفعل العقوبات و "زعرنة"، جيراننا في بيروت، مع محاولة من زعماء السوق السوداء لزيادة فاعلية الأزمات من خلال زيادة مفاعيلها بما يخدم مصالحهم الشخصية، فذهب الجميع نحو زيادة الأسعار بمناسبة قلة البنزين وارتفاع سعره في السوق السوداء، لكن من المنطقي أيضاً أن يلمس المواطن ولو تحسن جزئياً في بعض الخدمات، فإن كان "البنزين"، مؤثراً على حركة النقل وما إلى هنالك، فإنه لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بـ "توليد الكهرباء"، ولا يرتبط بالمطلق بـ "سوق الخضار"، فترتفع بشكل جنوني، وإذا ما كان الوزراء المعنيون يرمون بكل أحمالهم على العقوبات، فثمة مسائل داخلية لا تتعلق بالأزمتين اللتين نعيشهما حالياً، وعلى ذلك لا يوجد تفسير منطقي لهذا التراخي في مفاصل الوزارات الخدمية.
إن المنشورات التي جعلت من صفحات السوريين على موقع "فيسبوك"، منصة للتعريف بـ "أبخازيا"، على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، والموقع الجغرافي وكيفية الوصول إلى هذه الدولة الناشئة، وإن كانت تحمل الكثير من السخرية، إلا أنها تعكس أيضاً إن السوريين قد ملوا من تبريرات الوزراء الممجوجة والتي لم تعد مقبولة، وعلى اعتبار إن السوريين يجيدون أكثر من غيرهم خرق القوانين بطريقة قانونية، من خلال "الاستثناءات الموقعة من هذا الوزير، أو الطناش من ذاك المسؤول، أو البحث عن "مخارج وثغرات"، في جسد القانون لتحقيق المصالح الشخصية، فما الذي يمنع القائمين على الوزرات من البحث عن "مخارج" حقيقية لحلحلة الأزمات وتجاوز العقوبات، وهل كانت الدول التي عانت من العقوبات مرهقة خدميا كالحال السورية، وهل من المنطقي أن يُترك المواطن فريسة لـ "الشائعات"، وتجار السوق السوداء، بما يجعل من البنية المجتمعية في سورية معرضة للتخريب..؟، ألا يجد السادة الوزراء ما هو أفضل من التوقيع على قرارات بشرعنة رفع الأسعار، وتبرير سوء الخدمات..؟، ما الذي ينقص ليكون ثمة وزارات تعمل وفق المفهوم الشعبي القائل بـ "نور الله"..؟.
إن انتظار الوزراء لقرارات من مؤسسة الرئاسة تساعدهم في العمل، أو أن تكون مؤسسة الرئاسة هي المتحملة لكامل المسؤوليات في الدولة، يعني ألا حاجة لنا بـ "الطاقم الحكومي"، وما يتسبب به من نفقات، ويوجب الاكتفاء بـ "مؤسسة الرئاسة"، وبالتالي من الواجب التخلص من الحمل الزائد الذي تسبب به الحقائب الوزراية من مصاريف ربما قد تنفع في تحسين مستوى الخدمات، وإذا ما كان أعضاء الفريق الحكومي يجدون في أنفسهم الكفاءة على إعانة الرئاسة في حلحلة الملفات العالقة على مستوى الخدمات، فلينزلوا إلى الشارع ويبدؤوا بالعمل ويكفوا عن التصريحات المبررة لسوء أداء وزاراتهم بأرقام لا تهم الشارع بقدرما يهمه أن تقدم له خدمات بالحد الأدنى من الجودة، إذ كان من المستفز جداً أن تجد -وإن من باب الدعابة- إن السوريين يبحثون عن فرصة وإن كانت منقوصة للهجرة، فتراهم يبحثون عن "الميكرو"، العامل على خط "أبخازيا - كراجات"، ليأسهم بالحصول على مقعد في "الميكرو"، الذي يصل إلى الأحياء التي يعيشون فيها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: