Sunday November 24, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

أبعاد التحرك السوري في تحرير مناطق ريف حماة وإدلب

أبعاد التحرك السوري في تحرير مناطق ريف حماة وإدلب

محمد نادر العمري

ضمن مسارات الكباش والحرب على سوريا، تتسارع التطورات والأحداث على المستويين السياسي والعسكري، فما بين مشهد الإنجازات العسكرية السورية في محيطي "ريف حماة" الشمالي و "ريف إدلب" الجنوبي، ومشهد جمود المفاوضات السياسية والتي تحولت لمعضلة في إيجاد الحلول السياسية عبر "أستانا" و"سوتشي"،  يبرز الثابت الوحيد في أن التحرك العسكري يهيئ للحلول السياسية وهناك تكامل بين المساريين بانضباط الإنجازات الميدانية وتلقفها سياسياً، فقد تمكن "الجيش السوري"، وضمن معادلات الميدان في "الغوطة الشرقية" والمنطقة الجنوبية من سوريا والمنطقة الوسطى، من رسم خرائط سياسية وعسكرية كان لها بالغ  الشأن بتحقيق منجز استراتيجي سياسي.

 

التقدم العسكري السوري في ريفي إدلب وحماة له أكثر من دلالة:

1.قرار الحرب وتحرير الأراضي السورية لن يكون رهينة المعادلات الإقليمية والدولية، ولن يبقى رهينة المصالح الظرفية خاصة تلك المتعلقة بمحور أعداء سوريا، فالدولة السورية عاقدة العزم على استعادة كافة الأراضي المحتلة، فقد تغيرت الظروف سياسياً وعسكرياً، من هنا بدأت المعادلة في سورية تأخذ أبعاداً مختلفة، لأن تحرير إدلب وحماة سيضع بدايات لنهاية الحرب، كونها المعقل الأخير للمجموعات المسلحة التي يعولون عليها لاستمرار استنزاف سوريا، بل سيشكل هؤلاء المسلحين عناصر خطيرة على هذه الدول حين عودتهم لدولهم.

2.تركيا التي لطالما كانت تصر على وضع العصي في عجلات الحلّ السياسي السوري، وسعت لتعطيل الجهود الدولية عبر جملة من المتناقضات في السياسة الأردوغانية، أصبحت تترجى الضامن الروسي لوقف العمليات العسكرية السورية التي انطلقت... بعد أن وصلت دمشق لنفاذ صبرها السياسي من السلوك التركي المتناقض ما بين التصريحات والواقع، فتركيا التي تعهّدت عقب لقاء سوتشي والذي أثمر اتفاقاً يقضي بإنشاء منطقة معزولة السلاح،  أرادت توظيف العلاقة العضوية التي تربطها بالفصائل المسلحة إلى أبعد الحدود، فاستثمار هذه العلاقة وصل إلى الحد الذي تتمكن عبره من جذب واشنطن إلى مشهد يراد منه عقد صفقة تمرر من تحت الطاولة، فالمنطق التركي يدرك بأنّ روسيا لن تخرج من صيغة التفاهمات الاستراتيجية مع سوريا، ولن تكون هناك حلول دون موافقة سورية كاملة، بينما الطرف الأميركي يملك هامشاً غير محدود في معايير الصفقات، ولا يزال يلعب على المتناقضات التي لن تُثمر في نهاية المطاف، إلا إخفاقاً وانكساراً وتخبّطاً سيفضي إلى هزيمة في سوريا.

3.تحرير المناطق الاستراتيجية بهدف، أولاً دفع المسلحين للانسحاب والالتزام باتفاق سوتشي أو خلق نوع من الفوضى والانشقاق بين هذه المجاميع الإرهابية، فتحرير "قلعة المضيق" وجهت صفعة مؤلمة للمسلحين الذين رفضوا سابقاً للمصالحة والتسوية خلال السنوات الماضية، وهو ما سيدفع مناطق أخرى في ريف حماة وإدلب للذهاب نحو تسويات وهذا ما بدأ يتوارد في مناطق خان شيخون و كفرزيتا و اللطامنة. 

ثانياً، مواقع هذه المناطق تشكل طرقاً رئيسية تشكل تجارة كبرى مع الأتراك على مستوى قادة الفصائل جعلت الصراع الدموي محتدما فيما بينهم طيلة سبع سنوات، فالبداية كانت مع "جيش النصر" ثم "حركة أحرار الشام" وصولاً إلى "هيئة تحرير الشام" وفصائلها، التي فرضت أتاوات قاسية على المواطنين السوريين الذين يعبرون إلى محافظة "حماة" ليتقاضوا أجورهم ورواتبهم من الدولة السورية، ومن يعارض كان مصيره القتل والسجن.

ثالثاً، الأهمية العسكرية لسيطرة قوات الجيش على قلعة المضيق تتمثل بنجاح هذه القوات بإتمام ما يقارب ثلثي المهمة في "ريف حماة" الشمالي خلال زمن قياسي، إضافة لإشرافها وللمرة الأولى منذ عام 2014 على قرى جبل الزاوية بريف إدلب، وتوسيع نطاق الحماية لقرى سهل الغاب.

من المؤكد أن التمهيد الناري واستهداف المواقع الرئيسية للتنظيمات الإرهابية وقطع طرق المواصلات فيما بينها تشكل نقطة بداية بين مسارين أو منحيين، منحى عسكري بحت يهدف لتطهير كامل الأراضي السورية وتكون له رسائل باتجاه المنطقة الشرقية، أو منحى عسكري مضبوط بهدف سياسي للحفاظ على منجزات أستانا ودفع سوتشي، ولكن المسلم به أن العملية السياسية لا يمكن أن تنطلق قبل تأمين الظروف الموضوعية لإنجاحها وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب وثانياً وقف التدخلات والرهانات الخارجية.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: