Sunday April 20, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

عام جديد آخر من الحرب: لم تسقط سوريا و "لن"

عام جديد آخر من الحرب: لم تسقط سوريا و "لن"

رماح زوان

 

لم يعد صوت فيروز ذاته الذي كان يسمعه السوريون قبل الخامس عشر من شهر آذار عام 2011 وحتى الآن.

بحَّ الصوت وباتت كلمات الحب تغصّ وهي تغني لجوار بلادها، وصار هواه الأرقَّ مطعَّماً برائحة الموت والبارود وأصوات النازحين واللاجئين .

يُتِمّ السوريون اليوم عامهم الثامن بعد أول صرخة نادت للفوضى مبطنة بما سمّيت "الربيع عربي" فغدا الربيع خريف كئيب وشتاء عواصف إنسانية ووطنية حقيقية، لم تتحقق آمالهم بأن يكون عمر أزمتهم سبع عجاف، ها هم يدخلون التسع العجاب ذاقوا فيها العذاب بكل أنواعه وأشكاله، شاهدوا فيها كيف يمكن لشاب أن يقتل أمه بعد انتمائه إلى "داعش"، وكيف تنهار مستشفيات ضخمة بشاحنات مفخخة، وكيف تنزف بلاداً دمها وأبنائها شهداء وجرحى ولاجئين ..

من أقصاها إلى أقصاها، تستند أم الحضارات على نفسها ناظرة بعينين دامعتين ماذا حلّ بتدمر والأسواق القديمة في دمشق وحلب، وتقرأ أخبار قطعها الأثرية التي باتت عناوين الصحف والوكالات بعد أن خرجت من حدودها سرقةً وتهريباً وبيعاً، كيف باتت هاشتاغات المنظمات الإنسانية مقرونة في معظمها باسم سوريا والسوريين، كيف ينقّب السوريون في صحاري المؤتمرات والاجتماعات ومجالس الأمن والمقابلات والتصريحات عن موعد يقول إن الحرب ستنتهي فيه.

لم تسقط سوريا. يضيف رجل سبعيني من ريف اللاذقية "ولن"، هجر هذا الرجل أرضه الخصبة التي عاشت هادئة قبل 15-3-2011 وقصد مراكز إيواء ضمن مدينة اللاذقية عند وقوع مجزرة عام 2013 ، منتظراً حتى اليوم الموعد ذاته "انتهاء الحرب"، كان نصيبه أن يكون من بين الملايين الذين شاءت الحرب بأن تضع ندبتها على ذاكراتهم، يستمع عبر جهاز راديو قديم أخبار البلاد بغبنٍ، قائلاً: «في كل مرة تصل اللقمة إلى الفم هناك من يخطفها»، يعلم الرجل أن هناك جهات تريد قضم مساحات من بلاده وتحويل الباقي إلى حطام، لكنه يعوّل على رجال يقول أن منهم من سقى زيتونه بدمائهم بينهم ولده في سبيل عدم خسارته شبراً واحداً .

لم تقتصر الحرب على سوريا في خسارة الأشياء الجميلة فحسب، بل هناك "أُمراء" ظهروا منهم كانوا نصبوا أنفسهم قضاة شرعيين يحكمون باسم السيف واسم مئات الجماعات المسلحة على اختلاف مسمياتها وأيديولوجياتها وتبعياتها، ومنهم من نصبوا أنفسهم على حساب ملايين الفقراء والمهمشين، فتحوا حساباتهم البنكية وباتوا يتحدثون بلغة الدولار وعملات أخرى، إنهم أثرياء الحرب الذين لا يزالوا ينهشون بسيوف أسنانهم "البيضة وقشرتها"، وكأنهم كانوا ينتظرون اندلاع الحرب حتى يسدّوا مجاعتهم وشبقهم للمال .

لا إحصائية دقيقة حول عدد الشهداء والجرحى والمخطوفين والنازحين حتى اللحظة، لكنهم بالتأكيد يقدَّروا بالملايين. ملايين صرخات الألم التي ما زال يسمع صداها العالم دون أن يجد حلاً، والتي تتغير فيها المواقف والتصريحات، وتبقى أغنية أبي محمد التي يواظب على سماعها كل يوم "إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية .. إني اخترتك يا وطني سراً وعلانية" يصمت هنيهة ويختم "وغضب وغضب وغضب".

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: