«عالمكم الثالث».. هل مازال ثالثاً؟
وسام إبراهيم
لابد أنكم تسمعون كثيراً عبارة "العالم الثالث"، وتعرفون جيداً في المنطقة العربية أن دولكم تندرج في قائمة هذا المصطلح، فمتى وكيف نشأ مفهوم "العالم الثالث"، ماذا يعني؟ وماهي الدول التي يشملها؟
يعود مصطلح "العالم الثالث" إلى فترة مابعد الحرب العالمية الثانية، عندما انقسم العالم بين معسكرين، المعسكر الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة وسمي بالعالم الأول، والمعسكر الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفييتي، وسمي بالعالم الثاني، وكان على دول العالم أن تنحاز إلى أحد الجانبين، وتدخل في أحد التصنيفين، إلا أن عدة دول في العالم قررت الحياد في ظل التجاذب السياسي والعسكري بين المعسكرين، مثل يوغسلافيا بزعامة تيتو، ومصر بزعامة عبد الناصر، والهند بزعامة نهرو، وغيرهم، وأصبحت هذه الدول «الضالة» تعرف باسم "العالم الثالث".
حسب ماسبق كان التصنيف مبني على أساس سياسي، لكن وبعد أن خفت حدة توتر الحرب الباردة في خمسينات القرن الماضي، تحول مفهوم العالم الثالث نحو المضمون الاقتصادي، وأصبح يشير إلى الدول المتخلفة اقتصادياً.
ويشمل العالم الأول الرأسمالي المتطور: الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية، والدول التي كانت تشكل سابقاً الدومينون البريطاني، أما العالم الثاني الاشتراكي المتطور فيشمل: دول الاتحاد السوفييتي سابقاً وأوروبا الشرقية.
بالنسبة للعالم الثالث، فيشمل أكثر من 100 دولة، يقطنها ثلاثة أرباع سكان العالم تقريباً، وهي دول أمريكا اللاتينية جميعها، وعموم أفريقيا باستثناء جنوبها، وآسيا بمجملها باستثناء اليابان.
اللافت أن دول العالم الثالث المذكورة كانت سابقاً مستعمرات أوروبية، وشاع استعمال صفة الدول «المتأخرة» لوصف هذه المستعمرات، بينما تحبّذ الأمم المتحدة حديثاً وصف هذه الدول اليوم بالدول «النامية».
ولم تأتِ تسمية "الدول النامية" بسبب التقدم في أحوال دول "العالم الثالث"، بل لأسباب تهذيبية، كي لا توصف هذه الدول بالمتخلفة، وبغرض تشجيع الدول النامية على المشاركة في التقدم الصناعي.
لاحقاً تم إضافة معايير جديدة لتحديد الدول النامية إضافة إلى المعيار الاقتصادي، مثل التعليم ودرجة الديمقراطية والتمتع بالحريات الفردية.
يقول أحد المهتمين: «منذ تقسيم الدول بين ثلاث فئات، في منتصف القرن الماضي، لم نشهد أي تحولات حقيقية تصعد بأمة أو بلد ما من فئة إلى أخرى أو العكس، وبقيت هذه الدول محافظة على تصنيفها وأسلوب حياتها، فبقيت الدول المتقدمة على حالها، وربما تزداد تقدمًا على تقدمها، فيما بقيت الدول الفقيرة والمتخلفة على حالها، بل ازدادت تخلفًا على تخلفها، في إشارة واضحة إلى أصابع خفية تريد أن يبقى الأمر على ما هو عليه، ولا مجال أن تتقدم دولة من العالم الثالث النامي، إلى محيط العالم الأول أو الثاني».
فهل ماقيل سابقاً دقيق؟ أم أن العولمة و«تغريب» الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الكثير من الدول النامية جعل تصنيف العوالم الذي ظهر قبل 70 عاماً غير صالح في الزمن الحالي، وبحاجة إلى مراجعة جدّية وعلمية؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: