عائلة «آيات الرفاعي» ضحايا أم «مجرمون»؟
خاص
يقول الكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي في كتابه «عشر استراتيجيات للتحكم بالشعوب» إن استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي، وبالتالي الحسّ النقدي لدى الأشخاص، كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور إلى اللاوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيّات محددة.
إن الانسياق المطلق وراء العاطفة في قضية «آيات الرفاعي» دفع الكثيرين إلى التهجم المباشر على عائلتها، وتحميلها المسؤولية الكاملة عن الجريمة، حتى أكثر من القتلة أنفسهم، وهؤلاء تغافلوا عن أسباب عديدة تجعل من العائلة ضحية من نوع آخر، وهنا لا يمكن نكران بأي شكل من الأشكال أن «عائلة آيات» تتحمل جزء كبير من المسؤولية عما جرى.
لا يمكن لأحد إخفاء أن قضية العنف ضد المرأة هي جزء من النسيج المجتمعي السوري، وهي متجذرة منذ سنوات طويلة وبمختلف المناطق السورية، ولم يكن القانون حاضراً لردع هذه الظاهرة، بل إنه بمكان ساهم في تعزيز انتشارها بعدم وضعه عقوبات رادعة ضد الجُناة.
وما زاد الأمر سوءاً خلال السنوات الماضية، الحرب، التي أرخت بثقلها الاقتصادي، والمعيشي، والنفسي، والأخلاقي، والجُرمي، على المجتمع السوري، فزادت نسبة الجرائم إلى مستويات قياسية، ومنها الجرائم والعنف ضد المرأة، مع بقاء القوانين «المترهلة» نفسها، فأصبح «حق المرأة» ضرباً من الخيال، على الرغم من المطالبات «الخجولة» بين الحين والآخر من بعض الجمعيات والناشطين بتعديل القانون السوري.
ولأن جميع الأسباب السابقة تنطبق بالمطلق على «عائلة آيات»، من النسيج المجتمعي إلى مفرزات الحرب، وصولاً للتأكيد أنه لا يوجد عائلة تدفع أولادها إلى الموت برضاها؛ لا يمكن تحميل العائلة المسؤولية الكاملة عما جرى لآيات، ويجب توجيه سهام اللوم إلى الأسباب الأساسية.
حملة التنمر التي تشن اليوم على العائلة حوّلتها إلى ضحية جديدة، وهنا يجب العودة إلى كلام «تشومسكي» بأن العاطفة يجب ألا تتغلب على لغة العقل، حتى يمكن الوصول إلى الهدف الأساسي، إذا لم يتم إغفال أن العائلة تلقت تهديدات بعيد الجريمة، وهو ما تم الكشف عنه في فيديو الاعترافات الذي نشرته الداخلية السورية.
قضية «آيات الرفاعي» حرّكت الرأي العام داخل سوريا، حول ضرورة وجود ثورة في القانون يعطي المرأة السورية حقوقها أو بالحد الأدنى يحفظ بعضاً من كرامتها، ويعطيها الأمان لممارسة حياة طبيعية بعيداً عن الإكراه والخوف والعيش تحت رحمة «العادات البالية» و«نظرة المجتمع الدونية»، ويلغي السطوة الذكورة على كيانها.
هذه الثورة يجب ألا تنتهي بعد أيام قليلة، لأن زوالها يعني أن آيات الرفاعي كانت مجرد تريند فيسبوكي ليس إلا، وكل التعاطف الذي حصلت عليه الشابة كان وهمياً، مثل المنصات التي استغلت قضية آيات للحصول على تفاعل وهمي، وهنا يكون دور الناشطين الحقيقيين وقادة الرأي الفاعلين لبدء حملات توعية مستدامة، تقود بالنهاية إلى إدخال تعديلات جذرية على القانون السوري بهدف إعطاء المرأة كامل حقوقها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: