الصين وروسيا تدينان الاستراتيجية الصاروخية الأمريكية
تحرير: فارس الجيرودي
ترجمة: يارا صقر
حذر مسؤولون صينيون وروس من حدوث سباق تسلح جديد محتمل رداً على خطة الدفاع الصاروخي الجديدة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية.
قدم الرئيس دونالد ترامب استراتيجية معدلة للدفاع الصاروخي لعام 2019 يوم الخميس الماضي، متعهداً بإنشاء درع صاروخي عالمي يمكنه «اكتشاف وتدمير أي صاروخ يتم إطلاقه ضد الولايات المتحدة في أي مكان وفي أي وقت».
وشملت مقترحات الاستراتيجية التي تقدم بها ترامب أجهزة استشعار فضائية، ومضادات معترضة متقدمة، من شأنها أن تقاوم التكنولوجيا الجديدة "الفرط صوتية" والتي طورها أكبر منافسي الولايات المتحدة العسكريين العسكريين «روسيا والصين»، اللتان تتهمان الولايات المتحدة بمحاولة إثارة المزيد من التوترات الجيوسياسية في العالم.
وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية تعليقاً على الاستراتيجية التي تقدم بها ترامب قائلاً بأن «التقرير الأمريكي مليء بمفاهيم الحرب الباردة» و«لعبة الصراع الصفري» الذي لا ينتهي إلا برابح وخاسر، وهو ما عفا عليها الزمن على حد تعبيره.
إن الوثيقة تبالغ في المواجهة الجيوسياسية وتنافس القوى وتتحدث بشكل غير منطقي عن تهديد من الصين فيما رأى متحدثٌ باسم وزارة الخارجية الصينية لسبوتنيك نيوز محذرا من أن التقرير الأمريكي الرسمي «يتحدث بشكل غير منطقي عن تهديد الصين للامن القومي الأمريكي، وتبالغ من تأجيج الصراع الجيوسياسي في العالم، ويمكن أن تلحق الضرر بالسلام والأمن الإقليميين، وستؤثر سلباً في عملية نزع السلاح النووي حول العالم، وستؤدي إلى سباق تسلحٍ جديد، وتقوض التوازن الاستراتيجي والاستقرار في العالم» على حد تعبير المتحدث الرسمي الصيني.
وأضاف المتحدث «إن الصين تعبر عن استيائها الشديد واعتراضها القوي، على التوجهات الاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها ترامب».
وفي بيان لوزارة الخارجية الروسية رأت الوزارة أن هذه الإستراتيجية تعطي في الواقع الضوء الأخضر للجيش الأمريكي لإمكانية بناء «قدرات صاروخية فضائية» في تكرار لتجربة «حرب النجوم» التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريجان" في الثمانينات، والتي كانت تهدف لاستخدام تقنية الليزر لإعتراض الصواريخ البالستية، لكنها انتهت للفشل.
وجاء في البيان الروسي «إن تنفيذ هذه الأفكار سيؤدي حتما الى بدء سباق تسلح في الفضاء، والذي سيكون له نتائج سلبية كبيرة على الأمن والاستقرار الدوليين»، وأضاف البيان «نود أن نحث الإدارة الأمريكية على أن تتخلى عن هذه المحاولة غير المسؤولة لإعادة إطلاق برنامج "حرب النجوم" الذي أطلق في عهد ريجان، لكن على أساس جديد وبتقنية أكثر تطوراً».
وقال "أندريه كراسوف" النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب في البرلمان الروسي، لوكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء يوم الخميس «إنهم يحاولون فقط جرنا إلى سباق تسلح» في تعليقه على استراتيجية ترامب.
وأضاف كراسوف «لن ننجر الى أي سباق تسلح، فلدينا سلفاً أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية، ويجب أن نرد على المبادرات العسكرية الجديدة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو بتدريبات مكثفة، لدينا كل ما يلزم للدفاع عن أمننا، لا ينبغي لنا أن ننجر إلى سباق تسلح، الميزانيات العسكرية لروسيا لا تزال أقل بكثير من ميزانية الولايات المتحدة العسكرية».
وكثيراً ما أشارت الصين وروسيا إلى حقيقة أن الولايات المتحدة لديها ميزانية دفاعية أعلى من الدول العشر الأعلى إنفاقاً مجتمعة، وقواعد عسكرية حول العالم أكثر من جميع الدول الأخرى مجتمعة.
وأعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن نيته زيادة ميزانيته العسكرية لهذا العام لتبلغ 750 مليار دولار بهدف جعل الجيش الأمريكي «أقوى من أي وقت مضى» رداً على خصوم دوليين.
في حين لم يذكر ترامب ولا نائب الرئيس "مايك بنس" هؤلاء المنافسين الأمريكيين البارزين بالاسم – فقط ذكروا إيران وكوريا الشمالية - في تعليقاتهم، لكن بالمقابل ظهرت كل من الصين وروسيا بشكل بارز في التقرير الاستراتيجي الذي قدمه ترامب.
حيث ورد في التقرير التالي «روسيا والصين تطوران صواريخ كروز متقدمة، وقدرات صاروخية فرط صوتية يمكنها الطيران بسرعات استثنائية، مع تنفيذ مناورات وسلوك مسارات طيران غير متوقعة تتحدى قدرات الأنظمة الدفاعية الأمريكية القائمة».
يضيف التقرير «هذه تحديات صعبة تخلق بيئة تهديد من الصواريخ الجديدة، التي يجب على سياسة الدفاع الصاروخي والاستراتيجية والقدرات الأمريكية إيجاد الحلول لمعالجتها».
وكان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" قد كشف في شهر اذار الماضي، عن ترسانة من الأسلحة النووية القادرة على أن تكونغير مرئية على شاشات الرادارات التي توجه أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكي الحالية. وشملت هذه الصواريخ التي تعمل بالطاقة النووية، والقذائف فرط الصوتية، والصواريخ كروز، التي قال الرئيس الروسي أن تطوير بلاده لها جاء رداً على تجاهل الولايات المتحدة لاتخاذ تدابير الحد من الأسلحة، و عدم التزامها بالاتفاقيات مع بلاده بهذا الشأن.
وأضاف بوتين في وقت لاحق في مقابلة مع شبكة "ان.بي.سي": «إن سباق تسلح بدأ بين واشنطن وموسكو في أعقاب قرار الرئيس السابق جورج بوش التخلي عن معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية في عام 2001».
وقد أدى "جون بولتون" الذي كان آنذاك وكيل وزارة الخارجية لشؤون مراقبة الأسلحة وشؤون الأمن الدولي دورًا رئيسيًا في قرار إدارة بوش الخروج من المعاهدة الموقعة مع موسكو.
و يعمل بولتون الآن كمستشار للأمن القومي في ترامب ، الذي سبق أن انضم إلى مسؤولين آخرين في مطالبة الولايات المتحدة بمغادرة معاهدة القوات النووية متوسطة المدى لعام 1997، والتي تحظر قاذفات الأرض ذات المدى من 310 إلى 3400 ميل.
فيما برر ترامب خروج الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ متوسطة المدى بـ« اتهام روسيا بانتهاك المعاهدة عندما طورت نظام صواريخ كروز جديد من طراز "نوفاتور"» وكذلك بسبب وجود تهديد صاروخي متزايد من الصين حسب زعم ترامب، وكانت كل من روسيا والصين قد كثفتا من تعاونهما العسكري في السنوات الأخيرة، واتهمتا الولايات المتحدة بمواصلة سعيها للهيمنة على العالم، عبر نشرها لقواعد عسكرية في مختلف أنحائه.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: