أمريكا.. والأمر الذي لابدّ منه في سوريا
ليس مهماً أن يتهرّب ملك الأردن من الإجابة على سؤال معقّد حول ما إذا كان حلفاء سوريا انتصروا وهُزمت أمريكا!
الإجابة الأهم على لسان الهاشمي أن «النظام باقٍ».. هذا الأمر أصبح واقعاً لايمكن لخصوم دمشق تجاهله.. وأولهم الولايات المتحدة!
أمريكا.. والأمر الذي لا مفرّ منه!
منذ خمسينات القرن الماضي حاولت الولايات المتحدة الإطاحة بحكومات في الشرق الأوسط – مرةً واحدة كل 10 سنوات على الأقل -مرة في إيران ضد محمد مصدق.. ومرتين في أفغانستان.. مرة في العراق وليبيا أيضاً.
تعددت الأساليب.. إما بدعم انقلاب أو تمرّد.. وإما بالغزو العسكري.. وتارة أخرى بالعقوبات.. سوريا لم تكن خارج هذه الدائرة.. وفكرة تغيير النظام كانت جذابة بالنسبة لواشنطن، لكن سوء التقدير جعل الرياح تجري بما لاتشتهي سفن أمريكا.
بقي الأسد وفاز بالرئاسة.. الحرب تضع أوزارها ودمشق آمنة.
لم يعد سيناريو إرسال الجيوش إلى الشام لقلب الحكم فيها من على ظهور الدبابات ممكناً.. هذا الأمر أصبح معلوماً لدى الجميع منذ 2018 على الأقل.. أغمد الخصوم بنادقهم وأشهروا سلاح الدولار!
حرب اقتصادية كان المأمول منها أن تحرّك نقمة جديدة من الداخل.
لكن مايسمى «العرس الوطني» أثناء الانتخابات الرئاسية أخمد نار الأمل في الخارج!.
لم يسبق وأن أسقط حصار اقتصادي حكومة واحدة في هذا العالم.
إذاً.. على واشنطن أن تنتقل من ضفة «عدم الاعتراف» إلى ضفة «التعامل مع حكومة دمشق»
لماذا؟
القوات الأمريكية تغادر أفغانستان.. وهي على وشك مغادرة العراق.. وجودها في سوريا إذاً أصبح مسألة وقت لا أكثر.. وعليها أن تخرج ببعض الإنجازات.. هذه الإنجازات صعبة التحقق من دون التفاهم مع دمشق.
أكثر من ذلك.. سوريا دولة مجاورة لحلفاء أمريكا «إسرائيل والأردن وتركيا»، ولدولتين ليستا على مايرام، هما لبنان والعراق.. إذاً الوضع لم يعد يحتمل التلاعب بمصير المنطقة، لأن أصدقاء أمريكا لن يكونوا بخير أيضاً.
إذا كان هناك من شك فيما قلناه سابقاً، فعليك أن تسأل نفسك لماذا ذهب ملك الأردن إلى واشنطن حاملاً خارطة طريق للحل في سوريا.
الجواب: لأن العصا التي تُضرَب بها سوريا تُوجِع الأردن!
«شيء مقابل شيء»
قبل عام.. كشف جيمس جيفري، وقد كان المبعوث الأمريكي إلى سوريا، أن بلاده قدمت عرضاً للأسد قبل أيام من تطبيق عقوبات «قيصر» للوصول إلى حلول مع دمشق
العرض الأمريكي طالب بـ 3 أمور
-عملية سياسية لا تقود إلى تغيير نظام الحكم ولكن إلى تغيير سلوكه
-عدم تأمين دمشق مأوى لـ«المنظمات الإرهابية» وفق تعبير جيفري ويقصد بها منظمات المقاومة في فلسطين ولبنان
-عدم تأمين قاعدة لإيران في سوريا
دمشق رفضت العرض الأمريكي وقبله عروض مماثلة منها عرض ترامب بالانسحاب من سوريا مقابل خروج إيران.
سوريا تتألم.. وهي بحاجة لتخفيف العقوبات لإنجاز مهمة إعادة الإعمار وإنعاش اقتصادها المتأزم.
ولاشك أنها مهتمة بالتفاوض مع واشنطن أيضاً، ولكن تفاوض يحقق منفعة، من دون «إملاءات» تتحسس منها دمشق منذ غزو العراق عام 2003.
يطرح كاتب أمريكي يدعى «ديفيد دبليو ليش» نهجاً وصفه بـ«الأكثر واقعية» لتعامل الولايات المتحدة مع سوريا، يحمل صيغة «شيء مقابل شيء».
أمريكا لن ترفع كل العقوبات عن سوريا.. وكذلك دمشق لن تخرج إيران بالكامل من أراضيها.. لكن هناك حلول وسط، وخطوات تفصيلية متبادلة، بعيداً عن الشروط الكبرى، للالتقاء في منتصف الطريق
حلفاء واشنطن من العرب يدرسون العودة إلى دمشق، وهذا اعتراف عربي بالواقع الجديد، لن يطول إنكار أمريكا له.
قد يكون تمرير روسيا قرارٍ في مجلس الأمن لإيصال المساعدات الدولية إلى شمال سوريا، هو أول الغيث، وبادرة حسن نية من طرف سوريا وحلفائها، بأنه من الممكن التعاون.. وسيرخي الاتفاق النووي مع إيران في حال إحياءه بظلال إيجابية على الملف السوري.
الخلاصة.. على واشنطن أن تقدم على الأمر الذي لا مفرّ منه، وهو التعامل مع دمشق.
https://www.facebook.com/105986514160132/videos/494933871607432
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: