Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"ربعات" الجزيرة السوريّة.. بيوت لوأد الخلافات ونشر المحبة

"ربعات" الجزيرة السوريّة.. بيوت لوأد الخلافات ونشر المحبة

 

عبد العظيم العبد الله

 

قصص جميلة وعناوين أكثر جمالاً تشهدها الربعات، أجواء اجتماعيّة وعقد للمصالحات وبتر للخلافات والاختلافات بين الأطراف المتخاصمة، بالإضافة إلى مراسم الزفاف وإقامة الولائم واستقبال الضيوف من مناطق بعيدة في ذلك البيت الكبير الجميل "الربعة".

الربعة أو الربعات إحدى أهم مزايا منطقة الجزيرة السورية، توجد في غالبية القرى وحتّى ضمن المدن، تتبع لشيخ "العشيرة" أو كبير المنطقة والقرية، ويلتزم الجميع بكل تفاصيلها وآدابها وطقوسها الرائعة.

الباحث التاريخي "جوزيف آنطي" تحدّث لجريدتنا عن قيمة ومكانة الربعة في الجزيرة السورية، قائلاً: «عمرها بعمر المنطقة، يقوم ببنائها مختار القرية أو شيخها وحتى كبيرها، تعتبر عرفاً أخلاقياً واجتماعياً، القرية التي لا توجد فيها الربعة يجدها الأهالي ناقصة من أهم ركن في ربوعهم، تتميز ومنذ تأسيسها بأنها مكان للمحبة ونشر السلام، وتحقيق الألفة ونزع الخلافات بين الأسرة الواحدة، وربما بين أكثر من أسرة، وقد تكون بين عشيرتين، من يدخل ذلك المكان، فلن يخرج منه إلا بعقد الصلاح والصلح، وفي أحيان كثيرة يجتمع شيوخ أكثر من عشيرة في قرية ما وبربعتها لجمع كل الأطراف المتخاصمة، إذا كانت المشكلة معقدة، في سبيل حلّها، ونزع المشاكل بينهما».

 

لماذا سُميّت الربعة بالفندق المجاني ؟

توارث الآباء من الأجداد والأبناء من الآباء التركة الثمينة، وهي الحفاظ على الربعة مهما كانت الظروف صعبة ومعقدة، فالحفاظ عليها هو حفاظ على إرث وحضارة وثقافة، وقد شهدت الكثير من الربعات عمليات صيانة وترميم ومنها ما تم بناؤه مجدداً بعد الحاجة إلى الصيانة ، خاصة وأنها في كثير من المرّات تكون مكاناً لنوم الضيوف وراحة الزوّار، وبالأخص من يأتي من محافظات ومناطق بعيدة، فتشبه لذلك بالفندق المجاني. 

للزفاف وعقد الولائم

تعتبر الربعة وجهة مهمة وضرورية للكثير من الشباب الذين تصعب عليهم ترتيبات الزواج، وعندما تتعقد المسألة بين أهل الطرفين، يتوجه الشاب إلى الربعة والاستعانة بشيخها وأهلها، في سبيل تسهيل المهمة وحل الإشكال وعقد القران، بالإضافة إلى ذلك فباب الربعة مفتوح بشكل دائم، ومن غير اللائق أن تكون مغلقة وفي أي وقت كان، من يريد أن يرفه عن نفسه ويقضي وقتاً للراحة وفي فسحة اجتماعية فإنه يتوجه إليها، ويلتقي بالعشرات من أبناء القرية، وربما من مناطق بعيدة أخرى، جاؤوا أيضاً لقضاء وقت من الهدوء.

لم تندثر قيم وأهداف تلك الربعات حتّى يومنا هذا، فهي باقية ومُحافظة على اسمها وتاريخها وحضارتها، يحفظ لها الأهالي الكثير والكثير من قصصها وإنجازاتها، ويضاف إلى ما ذكر أنها تحيي احتفالات فنية وأدبية من تراث الماضي كالعزف على الآلات الموسيقية القديمة، والربابة نموذجاً، بالإضافة إلى قصائد الشعر والمنافسة فيها، لذلك سيمت بالبيت الفني الجميل والكبير.

وتجدر الإشارة إلى أن الربعة تقسم إلى نموذجين صيفية عبارة عن خيمة تبنى في العراء بجانب بيت كبير القرية، وشتوية عبارة عن غرفة كبيرة ومجهزة بكامل تفاصيل الضيافة.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: