Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

سوريا.. عندما يكون الراتب لا يساوي شيئاً

سوريا.. عندما يكون الراتب لا يساوي شيئاً

نورس علي

نراجع الصراف الآلي عدة مرات في الشهر، لنحصل على فرصة استلام الراتب الشهري، فنمتع حواسنا بملامسة أزراره ليمنحنا حقنا، وهنا تبدأ حكاية القسمة والضرب لعدة أيام قبل بدء الحالة النفسية الصعبة جراء توزيع هذا الراتب على الخضرجي واللحام محل البالة وكوات دفع الفواتير الكهربائية والهاتفية والمائية والخليوية.

الضغوط النفسية من زحمة الصرافات الآلية أحياناً، وعدم توفر هذه الخدمة الالكترونية أحياناً أخرى، وانقطاع التيار الكهربائي في الغالب، تفقد الستيني "ياسر أمين" أعصابه وتزيد من همومه المعقدة أساساً، والتي يحاول تناسيها كي لا يبقى منها مخلفات يرويها لأبنائه وأحفاده إلا إن عايشوها وغاصوا في بحور انعكاساتها النفسية والجسدية بنفسهم، فهو يهتم بتقسيم راتبه الشهري الذي حصل عليه من هذا الصراف، وتسكير ديونه المتراكمة.

وهنا قال لجريدتنا: «بما أني موظف متقاعد من وظيفتي أبدأ بزيارة يومية لجميع الصرافات الآلية في مدينة "طرطوس" مع بداية الثلث الثالث من كل شهر، لأتأكد من تحويل الراتب العظيم البالغ حوالي أربعين ألف ليرة سورية، فهناك من ينتظرني لسداد ما ترتب عليّ من ديون مالية استهلكتها وأسرتي الصغيرة في الثلثين السابقين من الشهر.

وتبدأ مرارة التحسر عليه بعد عدة أيام من استلامه، وبالتحديد عندما تبدأ فواتير الخدمات الحكومية بالصدور، وأهمها وأعقدها فاتورة المياه التي لا تصلنا بشكل جيد، ناهيك عن فاتورة الكهرباء التي تصدر بناءاً على أخلاقية قارئ العدادات، وهنا أقصد أني هذا القارئ لا يكشف على عداد الساعة، وإلا لما صدرت فواتير فيها تراكمات، تضطرنا حينها للاستدانة لتسديها قبل أن يقطع النور عنها وبسهولة».

أما الموظف المتقاعد "يوسف عزو" فيشكو ضعف راتبه مقارنة مع حجم المستحقات الشهرية الواجب دفعها مع تحويل الراتب إلى الصراف الآلي: «ما بيدخل راتبي الشهري جيبتي ويبرد نارها أكتر من عدة أيام في الشهر، فهو مهدد بالانقراض بشكل مباشرة كل مرة بيدخل فيها الجيبة، نتيجة غلاء وارتفاع أسعار حاجيات المعيشة اليومية، ناهيك عن أنه لا يتناسب أبداً مع الظروف الحالية، وأنا استغرب كيف غير الموظف عايش.

ولا أنسى جشع التجار الذين يلعبون دور أساسي في هدر كل قرش محتمل يدخل إلى جيوبتي المخرومة أساساً، فهم يتلاعبون بالأسعار ويرفعونها بحجة الظروف القائمة دوماً، ولا يتراجعون عن ارتفاعها تحت أي ظرف كان، وهنا سؤال مهم موجه للمعنيين، أين الرقابة التي تقسم ظهر المواطن العادي وذوي الدخل المحدود، من هؤلاء أم أن لهم حصص مالية من كل هذا على حساب رواتبنا الشهرية».

في حين أن الموظف على رأس عمله "حامد عثمان" يعمل بعد دوامه عمل آخر ليتمكن من العيش بكرامة كما أوضح: «لا أنكر أن الخبرة في إدارة المصاريف الشهرية تلعب دور أساسي في استمرارنا بالحياة، فهي يجب أن تكون محسوبة مسبقاً قبل استلام هذا الراتب، إضافة إلى أنه يجب عليّ الاعتماد على عمل آخر بعد العمل الوظيفي كالعمل الزراعي.

وبصراحة مطلقة لا يمكن أن تحتسب أجورنا الشهرية أجوراً في زمن الأزمة والغلاء الحالي، لأن في زمن الأزمات نتعرض لضغوط كبيرة تتحكم بكل شيء وفق منهجيات معينة، وهذا الضغط يشمل قطاعات الدولة الرسمية التي لا تتمكن من مواكبة الغلاء برفع قيمة الأجور الشهرية بما يتناسب والغلاء الفاحش، ولكن مع هذا يجب أن تحكم الزيادات الأجور كما حكم الغلاء بها، وأحمد الله أني منزلي ملكي وليس إجار».

تبخر الرواتب الشهرية في مصاريف المعيشة اليومية وضروراتها لا تدخل فيه الحالات المرضية والضرورات المباغتة، وهنا بيت القصيد والنكبة الحقيقية التي توازي نكبة حزيران.

المصدر: خاص

بواسطة :

Johnny Doran

Chief Editor

شارك المقال: