تحالف اقتصادي سوري لدعم مصر.. «مثل القرع بيمد لبرا» !
محمود عبد اللطيف
تشهد الساحة المصرية أصوات متزايدة تطالب بوقف العمل باتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع الحكومة التركية منذ العام 2005، لمواجهة الإغراق التركي للأسواق المصرية بالبضائع، الأمر الذي وجد فيه رجال أعمال سوريين انتقلوا للاستثمار في مصر منذ بداية الحرب الدائرة في سوريا، فرصة للتقارب مع الحكومة المصرية، والاستفادة من متغيرات السوق، وعلى هذه الأساس، أعلن رجل الأعمال السوري، "أحمد سماقية"، في مؤتمر صحافي، عقده في 2 شباط الحالي، عن تأسيس تحالفٍ جديد (يضم /11/ شركة عاملة في مجال الملابس الجاهزة) يهدف إلى مزاحمة الشركات التركيّة العاملة في نفس المجال في مصر، وذلك بالاستفادة من النمو الكبير الذي شهدته تلك الشركات في السنوات الأخيرة واستحوذت من خلاله على حصة كبيرة من السوق، ما يجعل التحالف الجديد –والذي يحمل اسم "فاشون /180/" ويضم شركات أخرى مملوكة لرجال أعمال سوريين وبقيمة /320/ مليون دولار- منافساً قوياً للمنتجات التركيّة في هذا القطاع.
إن إلغاء الاتفاقية التجارية الموقعة ما بين مصر وتركيا، يحتاج لقرار سيادي، لما له من آثار وتداعيات مختلفة يجب أن تكون مدروسة جيداً قبل اتخاذ القرار، الذي يمثل –لدى اتخاذه- تصعيداً للرّد على الاستفزازات التركيّة، إلا أن السوق المصرية تحتاج لما هو أكبر من التحالف الصناعي السوري الذي يرغب في الاستثمار في عكر المياه بين الدولتين، إذ يستوجب الأمر أن يكون ثمة تحالفات مصرية – مصرية، بين الشركات الكبرى لتعويض النقص الذي قد ينتج في الأسواق بعد منع البضائع التركية من الدخول إلى الاراضي المصرية، وهو ما سيزيد المنافسة بالسوق المصريّة، والمستفيد الأوّل والأخير من تلك المنافسة هو الاقتصاد المصري والمواطن المصري بالأساس.
إن تعليق الاتفاقيّة أو تعديلها أو إلغائها يجب أن يخضع لدراسة متأنيّة لما يترتب على ذلك من آثار على الاقتصاد المصري في قطاعات متعددة، ولا يكفي أن تكون مطالبة التجار والمطالب الشعبية كفيلة في توجيه الحكومة المصرية نحو اتخاذ أي قرار يتعلق بهذه الاتفاقية دون وضع دراسة متأنية لاحتمالات السوق ما بعد اتخاذ القرار، فالميزان التجاري بين البلدين يميل لمصلحة الأتراك، كما إن دراسة "القدرة الاستيعابية لدى الحكومة المصرية للاستثمارات التركية في داخل مصر يجب أن تكون محط اهتمام القاهرة، لما لوقف العمل بالاتفاقية من انعكاس على اليد العاملة في هذه الاستثمارات بشكل مباشر وغير مباشر، الأمر الذي يجعل من الدقة في اتخاذ أي قرار في هذا الإطار محفوف بالمخاطر الاقتصادية والمجتمعية إن لم يتم الإحاطة به من كل الجوانب.
الاستثمار السوري في الأزمة السياسية والتي قد تصل حد المواجهة العسكرية على أراضي ليبا بين مصر وتركيا، يفتح الباب أمام الموانع التي تقف بين رجال الأعمال السوريين المقيمين في مصر، من توجيه جانب من عمل تحالفاتهم الاقتصادية نحو الداخل السوري، للمشاركة في مواجهة تقلبات السوق واحتياجاتها بما ينعكس على حياة المواطن الذي يقول لسان حاله إن رجل الأعمال السوري الجنسية ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول "مثل القرع.. بيمد لبرا".
يشار إلى أن الميزان التجاري لصالح تركيّا عقب تفعيل اتفاقية التجارة الحرّة، إذ تستورد مصر منتجات تركيّة بقيمة /31.4/ مليار دولار منذ توقيع الاتفاقيّة، فيما بلغت صادرات مصر نحو /17/ مليار دولار حتّى تشرين الأول الماضي.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: