اكتشاف أثري يعتقد أنه "سفينة نوح"
تلك المدينة الواقعة في بلغاريا "نيسيبار" تبدو أشبه بجزيرة من أي شيء آخر، والتي أبلتها الرياح القابعة على الصخور، لايربطها بالساحل البلغاري سوى ممر بري ضيق.
لا بل من الممكن وصفها بأنها كومة كبيرة من الأنقاض، متراصة فوق بعضها البعض، حيث يعود عمر مكوناتها إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، إلا أن الأمر الأكثر غرابةً بأن منظمة اليونسكو تعتبرها من بين مواقع التراث العالمي.
وبين تلك البيوت العتيقة، يوجد كنيسة سانت ستيفان، الثرية بالجداريات التي تُظهر السيد المسيح وألف شخصية من شخصيات العهد الجديد، كما تشمل الثروات الأثرية للمدينة أطلالا اكتُشِفَت هناك لكاتدرائية ترجع للقرن الخامس الميلادي، شٌيّدت عندما كانت نيسيبار واحدة من أهم مراكز التجارة الواقعة على ساحل البحر الأسود في العصر البيزنطي.
عثر علماء الآثار وسكان المنطقة من الصيادين،على أطلال وقطع أثرية عتيقة، تعود لما هو أقدم من عصر البيزنطيين. من بينها، قلعة إغريقية - من تلك التي كانت تُقام عادة على قمم التلال ويُطلق على الواحدة منها اسم "أكروبول" - فضلا عن قطع خزفية، ترجع مع القلعة إلى زمن يسبق وصول الرومان إلى هذا المكان.
وخلال مهمة البحث، عثر العلماء على قطع بحرية تعود لآلاف السنوات، منها ما كان جزءاً من أساطيل حربية، ومن بينها ما شارك في أنشطة التجارة البحرية، وتشمل أقدم سفينة غارقة في العالم، حيث عثر على حطامها متماسكاً، وهي سفينة تجارية يونانية تعود إلى عام 400 قبل الميلاد تقريباً، وتقبع متماسكة على نحو خارق للطبيعة في قاع البحر.
إلا أن الباحثين عثروا بين كل هذا الحطام على أدلة تاريخية ترجع لأكثر من سبعة آلاف عام مضت، وهي فترة يعتقد بعض الخبراء أن البحر الأسود لم يكن فيها، سوى بحيرة صغيرة للماء العذب، حيث تكمن أهمية ذلك، في أن العينات الجيولوجية المأخوذة من قاع البحر الأسود في إطار تلك الجهود البحثية، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تأكيد ما إذا كانت هذه هي المنطقة، التي اندفعت منها المياه بقوة شديدة لتغرق حضارات العالم القديم، في إطار ما نعرفه باسم "طوفان نوح".
ومن بين الباحثين المشاركين في هذه الجهود؛ زدرافكا جورجيفا التي اعتادت الغطس في المياه المحيطة بتلك المنطقة، وهي تعمل الآن باحثة في مجال الآثار البحرية بأحد المراكز المتخصصة في الآثار الغارقة ببلغاريا.
وفي العام الماضي، اكتشف فريق الباحثين الأنغلوبلغاري - الذي يتولى هذا المشروع ويقوده البروفيسور جون آدامز من جامعة ساوثهامبتون - سفينة تجارية يونانية يعود عمرها إلى 2400 عام، بجانب حطام 60 سفينة غارقة أخرى.
وقد ظهرت تلك السفينة التجارية العتيقة إلى العيان، بفضل إحدى المركبتين المُستخدمتين في المشروع، واللتين تتوليان مسح الموقع وإظهار محتوياته بشكل ثلاثي الأبعاد. وتبدو السفينة في الصور التي التقطتها المركبة، راسية على أحد جانبيها، وقد ظهرت ساريتها ودفتها بوضوح شديد.
فيما تعرف مياه البحر الأسود بأنها خالية من الأكسجين، حيث تؤدي إلى إبقاء السفن الغارقة في حالة جيدة لآلاف السنين، نظراً لأنها لا تسمح سوى لأنواع محدودة من البكتيريا بالحياة فيها.
هذا وتقول النظرية التي وردت في الكتاب بشأن "طوفان نوح"، إن ذوبان القمم الجليدية بفعل انتهاء العصر الجليدي الأخير على ظهر الأرض؛ أدى إلى ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط، ما أفضى إلى ظهور قناة مائية مرت عبر الجبال، لتُشكّل ما يُعرف الآن بـ "مضيق البوسفور". ونتج عن ذلك حدوث فيضانٍ لمياه اندفعت بقوة تفوق قوة شلالات نياغرا بـ 200 مرة. ويُقدّر أن مياه البحر الأسود - كما نعرفه حاليا - غمرت مساحة بحجم إيرلندا في غضون شهور، وذلك بوتيرة تصل إلى ميل واحد يومياَ.
ويعتقد الخبراء أنهم اكتشفوا الأصل التاريخي للقصة الخاصة بـ "طوفان نوح"، الذي مزق حضارات قديمة قبل نحو 7600 عام.
المصدر: وكالات
بواسطة :
شارك المقال: