الوزراء الأعداء
محمد عيسى محمد
في بلادي، اقترن اسم الوزير بالتوتر النفسي والمغص المعوي والتهاب العصب الوركي، فبمجرد أن تسمع بهذه الكلمة ستعلم أن هناك مصيبة قادمة لا محالة.
يقول مواطن (عايف التنكة): "كل ما بيجي وزير منترحم على يللي قبلو"، لدرجة إننا لم نعد نعلم إن كان هؤلاء المسؤولين وزراء أم أعداء للمواطن.
فتارة ما يخرج علينا أحدهم ويذكرنا بتكلفة سعر ربطة الخبز على الدولة، متوعداً برفع سعرها، على أساس أن الفارق كبير بين سعر التكلفة وسعر المبيع، وهنا يتساءل مواطن، إن كان هذا الوزير حريص على المال العام، لم لا يتنازل عن موكب سياراته الفارهة وعن امتيازات الرفاهية التي يتمتع بها، والتي تكفي لإطعام عشرات العائلات؟ أوليست الأموال المصروفة على رفاهيتك خسارة يا سيدي؟
وتارة يخرج علينا آخر، يبدو أنه شعر بالغيرة من إنجازات زميله السابق، فيهدد برفع أجور الاتصالات والإنترنت، بعد أن اكتشف أن الإنترنت في سوريا أسرع من الصوت وأرخص من الفجل.
أما وزير الكهرباء فحدث ولا حرج، فبدلاً من أن يعمل على التحسين، يتفنن في تطويل مدة التقنين، حيث أضحى المواطن المتمدن (المشحّر) يستيقظ على التقنين وينام على التقنين، أما سكان الأرياف فقد كان ذكاؤهم حاضراً و(عرفوا الطبخة) واستعاضوا عن الكهرباء بوسائل أخرى كان يستخدمها أجدادنا في عصور ما قبل التاريخ لقضاء حاجاتهم اليومية.
ولا ننسى المسؤول عن الغاز والمازوت، فله الفضل الكبير على كل مواطن (بليد)، إذ اكتشف أن الشعب لا يمارس رياضة الصباح، والذي ينعكس سلباً على صحته وسلامته، فأجبر المواطنين على ممارسة جميع أنواع الرياضات، مثل الركض أيام للحصول على جرة غاز، والقفز ضمن الطوابير المنتظرة، والجري والملاكمة والمصارعة والمناورة لنيل (بيدون) مازوت، أفلا يستحق الشكر؟
وإذا انتقلنا لوزارة قطع المياه، فعلينا أن نعترف أنها كانت أكثر الوزارات (حربقة وفلهوية)، حيث ضربت عصفورين بحجر واحد، فمع ارتفاع نسبة هطول الأمطار التي تجاوزت الحد السنوي بشكل كبير وأدى لفيضان السدود، فقد استمرت بقطع المياه لغايتين، الأولى لخفض هدر المياه، والثانية لتشجيع المواطن على السباحة والاستحمام في المستنقعات والبرك المتشكلة في الشوارع السورية والتي وصل ارتفاعها في بعض المناطق لـ3 أمتار.
ناهيك عن الوزارة المختصة بإجبار المواطنين على اتباع الحمية والريجيم، فمع هذه الوزارة ممنوع يطلعلك (كرش)، لأنها تراقب بكل سعادة ارتفاع أسعار اللحوم والخضار التي تجاوزت أسعار الفواكه، كالبصل الذي وصل سعره لـ1000 ليرة سورية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية عموماً، والتي ترتفع إذا ارتفع سعر الدولار، وترتفع إذا انخفض سعر الدولار، مما يؤدي بالنهاية لتقليل وجبات الطعام للمواطن (الطمّاع) وإبعاده عن خطر السمنة والشحوم.
وبذلك يبقى المواطن محتاراً، هل هؤلاء أصدقاء أم أعداء، إن كنتم أصدقاء فنرجوكم أن تبتعدوا عن رغيفنا الذي نمزج العرق بالدم للحصول عليه، وأن تريحونا من ريجيمكم ورياضاتكم الإجبارية، لإن كل الحسابات الرياضية والفلكية والفلسفية لم يعد بمقدورها مساعدة هذا المواطن (المعتر) على تقسيم راتبه وتوزيعه على بضعة أيام في الشهر الواحد.
بواسطة :
شارك المقال: