واشنطن تصفي خصوم الجولاني
تشير المعلومات الواردة من إدلب عن كون العملية التي نفذها التحالف الأمريكي ليل أمس في قرية "جكارة"، والتي استهدفت المزرعة التي يمتلكها أحد القادة الأمنيين في تنظيم "جبهة النصرة"، إلى أنها واحدة من أكبر الخدمات التي قدمتها الإدارة الأمريكية عن قصد أو بدون لـزعيم التنظيم "أبو محمد الجولاني"، بتصفية عدد من خصومه الأقوياء، وليس من باب المصادفة أن تأتي هذه العملية بعد أيام من تهديد أطلقه "الجولاني"، ونقله عدد من الشخصيات المقربة منه إلى الأوساط الجهادية بأن كل من سيتجرأ على الانشقاق عن "النصرة" أو إعلان النية بذلك سوف يلاقي مصير "أبو يحيى الأوزباكي"، الذي قتل بغارة أمريكية خلال شهر آب من العام ٢٠١٩.
أسماء القتلى في عملية التحالف الأمريكي التي نفذت يوم أمس، شملت "أبو ذر المصري"، و "أبو طلحة سحارة"، الذين كانا قد أعلنا انشقاقهما قبل فترة عن الجولاني ليذهبا نحو تأسيس فصيل ينضم لاحقاً لتنظيم "حراس الدين"، الذي يمثل الخطر الأشد على سلطان "الجولاني"، في إدلب ومناطق شمال غرب سورية، وخلال مأدبة عشاء عقدت في مزرعة القيادي الأمني في صفوف النصرة "سامر سعاد"، أقدمت طائرة مسيرة للقوات الأمريكية باستهداف المكان، ما أفضى إلى مقتل نحو ١٥ قيادياً منشقين أو مشكوك بولائهم لـ "النصرة"، ما يؤكد أن "الجولاني"، قام بطلب تصفية هؤلاء من خلال تسليم المعلومات الاستخبارية لتنفيذه، الأمر الذي تؤكده مجموعة من التقارير الإعلامية التي أشارت إلى انسحاب حواجز النصرة من محيط المكان المستهدف قبل العملية بنصف ساعة على الأكثر.
المصلحة الأمريكية في عدم تطبيق اي اتفاقية سياسية تنهي القتال في إدلب، أو تسمح بفتح الطرق الرئيسية أمام حركة النقل التجاري بين محافظتي حلب واللاذقية، تنفذ من خلال الرفض المستمر لـ "الجولاني"، ومن معه من تنظيمات متطرفة لبنود اي اتفاق، ما يجعل من النظام التركي محرجاً أمام الحكومة الروسية بسبب عجزه عن تنفيذ ما تعهد فيه في القمة التي جمعت الرئيسين "أردوغان - بوتين"، في الخامس من شهر آذار الماضي، الأمر الذي يجعل من احتمالية إشعال الجبهة الشمالية الغربية من سوريا، الأمر الذي قد يشكل ما تستند عليه الإدارة الأمريكية لشن هجمة سياسية ضد الحكومتين السورية والروسية في آن معاً على الرغم من كون عملياتها التي تنفذها في إدلب تعد اعتراف صريح بوجود تنظيمات إرهابية في هذه المنطقة، والأمر في صورته الثانية يعكس عجزاً كبيراً لدى الجانب التركي ومن خلفه الحكومة القطرية التي كانت واحدة من أهم الاطراف الممولة لتنظيم "الجولاني"، عن ضبطه وإجباره على القبول بالاتفاقيات السياسية التي قد تنهي الأزمة في شمال غرب سوريا نسبياً.
إن تصفية خصوم "الجولاني"، من قبل الإدارة الأمريكية بشكل مباشر، تعد كشفاً عن الدور الذي تلعبه النصرة في شمال غرب سوريا منذ سنوات على الرغم من تلقيها الدعم من النظام التركي سياسياً ومالياً، وقد تفضي مثل هذه العمليات إلى زيادة خصوم "الجولاني"، لا الحد من انتشارهم، الامر الذي قد يمهد لحرب فصائلية بين "الأخوة الاعداء"، في شمال غرب سوريا مع ترجيح كفة "الجولاني"، في مثل هذه الحرب نظراً لكون الفصائل المعادية له مازالت أقل عدداً وعدة، ومن غير المتوقع أن تكون قادرة على مواجهة "الجولاني"، الذي يحظى بأقوى حليفين في الساحة الإدلبية، والممثلين بـ "الحزب الإسلامي التركستاني"، المشكل من المقاتلين الصينيين المتحدرين من أقلية "الإيغور"، إضافة إلى ولاء "مجاهدي القوقاز"، الذي ينتمي إليه أكثر المقاتلين الأجانب الذين مازلوا يرون في البقاء ضمن سوريا المكان الأكثر أمناً بالنسبة لهم من الملاحقة القانونية في دولهم الأم.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: