Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

السودان يتجرأ على ممارسة الحلم

السودان يتجرأ على ممارسة الحلم

تقرير مترجم عن الغارديان البريطانية:

ترجمة : يارا صقر - تحرير : فارس الجيرودي

تمكنت حركة الاحتجاج في السودان من تحقيق سلسلةٍ من الانتصارات، فرضت من خلالها تنازلات جديدة على الحكام العسكريين للبلاد، فيما تصاعدت الآمال في أن تنجو البلاد من مزيد من العنف بعد سقوط الرئيس "عمر البشير" الأسبوع الماضي.

فخلال الـ 48 ساعة الماضية ، اندلعت مواجهات بين قوات الأمن، التي تولت السلطة بعد اعتقال البشير يوم الخميس، وبين منظمي المظاهرات التي قوضت قبضة الرئيس السابق الاستبدادية على السلطة.

لقد أطاحت مظاهرات السودان والجزائر بقادة البلدين، لكن الثورات نادراً ما تنتهي نهاية سعيدة، لقد استقال "صلاح قوش" رئيس جهاز المخابرات وجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني يوم السبت، بينما تولى اللواء "عبد الفتاح البرهان" قيادة المجلس العسكري الذي يحكم البلاد حاليًا.

وكان تعيين وزير الدفاع السابق "أحمد عوض بن عوف" في هذا المنصب الأسبوع الماضي قد أثار غضبًا بين المتظاهرين والناشطين المؤيدين للديمقراطية ، فأُجبر عوف على الاستقالة يوم الجمعة.

 من جهته أشاد رئيس المجلس العسكري الجديد "عبد الفتاح برهان" بـ "الثورة السلمية" والتضحيات التي قدمها الشعب السوداني وخاصة النساء والشباب، وبرفع حظر التجول الذي فرض يوم الخميس، وأمر بالإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين ووعد بإجراء حوار شامل مع جميع المعنيين بهدف تشكيل حكومة مدنية مقبولة من الجميع.

ووصف المراقبون تنازلات الجيش بأنها علامة إيجابية، لكن الاستقالة المزدوجة وكلمة برهان قد لا تكون كافية لإرضاء الناشطين المؤيدين للديمقراطية، الذين قالوا يوم السبت إنهم يعارضون أي محاولة «لإعادة إنتاج نظام البشير»، وأي قرارات من قبل أي سلطة جديدة لا تلبي تطلعات الشعب السوداني من أجل «الحرية والديمقراطية والسلام».

فيما قالت جمعية المهنيين السودانيين (SPA) ، التي نظمت الكثير من الاحتجاجات ، إنها تريد «نقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية يشارك فيها الجيش ولكن [لا] يحكمها ويقودها». 

مع ذلك ، كان هناك ابتهاج لاستقالة قوش، الذي قاد حملة قمع واسعة ضد المتظاهرين خلال الأشهر الأخيرة. 

فلقي العشرات حتفهم وأصيب المئات بجراح على يد القوات شبه العسكرية التابعة لجهاز الأمن الوطني والمخابراتي ولعمر البشير، كما تم اعتقال الآلاف، الذين تعرض الكثير منهم للتعذيب.

وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في 19كانون أول في مدينة عطبرة بشرق السودان بعد قرار حكومي بزيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف، وتطور هذا بسرعة إلى مظاهرات على مستوى البلاد ضد حكم البشير الذي دام 30 عامًا.

رئيس المجلس العسكري الجديد "عبد الفتاح برهان" هو «جندي مخضرم» لا يُعرف أنه متورط في جرائم حرب أو مطلوب من قبل المحاكم الدولية، وكان أيضًا أحد الجنرالات الذين ذهبوا لمقابلة المحتجين في المعسكر الذي نصب بالقرب من مقر وزارة الدفاع السودانية، للاستماع إلى آرائهم.

كما عينت جمعية المهنيين السودانيين (SPA)  فريقًا من المفاوضين، رغم أنه من غير الواضح في الوقت الحالي ما إذا كانت هناك محادثات رسمية بين المجلس الانتقالي وحركة الاحتجاج ، أو الشكل الذي قد يتخذه التفاوض، ويضم الفريق طبيبين ومحاميا وصحفياً واحداً. وثلاثة على الأقل من أعضاء الفريق كانوا معتقلين سابقين، لم يطلق سراحهم إلا مؤخراً بعد شهور من السجن.

ويؤكد تكوين الفريق على وجود محترفين وناضجين في حركة الاحتجاج، وهو اختلاف كبير مع الاضطرابات السابقة، التي اقتصرت إلى حد كبير على الطلاب والناشطين الشباب الذين تركزوا في المناطق الأكثر ثراءً في العاصمة الخرطوم.

«هذا النوع من المظاهرات المناهضة للحكومة السودانية ليس جديدا ، ولكن هذه المرة يشارك قطاع أوسع من المجتمع ، بما في ذلك الطبقات المهنية التي كانت على مدى عقود إما مدفوعة للهجرة إلى الخارج أو تم احتواؤها من قبل النظام» ، هكذا علق "زاك فيرتين" واصفاً مظاهرات الخرطوم، وفيرتيي محلل في معهد "بروكينغز" Thinktank ومؤلف كتاب جديد عن السودان وجنوب السودان .

فيما قالت "جيهان هنري" ، الخبيرة في شؤون السودان في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن الجولة الحالية من الاحتجاجات قد تعززت من خلال «تعبئة قطاعات أكبر من جميع الشرائح المجتمعية».

أما في موقع الاحتجاج الرئيسي في الخرطوم ، فقد رأى "محمد عبد الله"  أحد المصرفيين: « يجب أن يستمر الاعتصام حتى يواجه جميع قادة النظام والبشير المحاكمة على الجرائم المرتكبة منذ عام 1989».

وقالت "حنا محمد" ، وهي طبيبة قُبض عليها سابقاً، وحُكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر للاحتجاج في وقت سابق من هذا العام ، إنها لا تثق بالجيش وأن المتظاهرين «سيواصلون الجلوس هنا حتى يتم تلبية جميع مطالبنا».

كما لاحظ بعض المراقبين الدور البارز للمرأة، رغم أن الكثيرين في السودان يشددون على أن المرأة كانت منذ فترة طويلة في طليعة الصراعات السياسية والاجتماعية.

ومع ذلك ، فقد أثار الانتشار الجغرافي للاحتجاجات إعجاب الكثيرين، فضلاً عن قدرة الحركة على جذب جميع القطاعات متجاوزة كل الحدود العرقية والدينية الرئيسية في السودان تقريبًا.

لقد ترك حكم البشير الطويل الاقتصاد السوداني في حالة يرثى لها، مع نقص في النقد وارتفاع معدل التضخم وارتفاع مستويات البطالة، إذ يقول المحللون إن المقربين من النظام فقط هم الذين نجوا من عواقب الانهيار الاقتصادي للبلاد ، والذي تفاقم بسبب انفصال جنوب السودان الغني بالنفط في عام 2011 بالإضافة إلى سوء الإدارة والكسب غير المشروع.

وتقول جمعية "أطباء سودانيون" إن 26 شخصًا قد لقوا حتفهم وأصيب أكثر من 150 شخصًا بجروح - 15 منهم حالته خطيرة - منذ بدء الاعتصام، خمسة من القتلى هم جنود قتلوا لحماية المتظاهرين خلال هجمات ميليشيا موالية للبشير».

 وقال مسؤولو الشرطة إن 16 شخصًا على الأقل قتلوا وأصيب 20 آخرون برصاص طائش في الاحتجاجات والاعتصامات يومي الخميس والجمعة.

رابط التقرير الأصلي:

https://www.theguardian.com/world/2019/apr/12/sudanese-protesters-jubilant-after-military-leader-rapidly-replaced 

المصدر: خاص

شارك المقال: