مجهرٌ رياضي لا يُفيد بشيء
"شخصيتك صلبة كالأرض السورية" هكذا وصف الإعلامي "نضال زغبور" هرم الرياضة السورية "موفق جمعة"، ليكمل نكتتهُ بوصف رئيس الاتحاد الرياضي الذي يطالبه الشارع بالتنحي عن كرسيه بقوله "كلك أمل والرياضة السورية بخير" ليُغمي قلوب المتابعين بعدها من شدة هضامته وأسلوبه في إلقاء الدعابات!
فلا خيرٌ فيك ولا أملٌ يُرجى منك أيها "الزغبور"، لأن الصخرة التي تحدثت عنها تزدادُ تمسكاً في الأرض القاحلة، والطلقات التي رُميَ بها ضيفك حرفت مسارها فأصابت عشاق الكرة منذ عقود، والصمود -عنوان يافطاتك المهترئة- بات مقدمة مستهلكة في التلفزيون الذي أكل عليه الدهر، حتى تم نسيانه من قبل أهل الدار قبل الجوار، وأين حق المواطن الكروي في برنامجك الذي لجأ لشخصيةٍ بارزة في الرياضة لتمسيح الجوخ عوضاً عن نقل الواقع الرديء على لسان مشجع لُوعَ قلبه من كثرة الخيبات.
لا يقتصر الموضوع زميلنا "زغبور" عليك فلا تأخذ على خاطرك من كلامنا، فإن تابعت مجهر زميلك "إياد ناصر" الذي من المفترض أن يكشف الكثير، إلا أنه على ما يبدو عاطلٌ عن العمل، ولا يرى سوى إنجاز بطولة البحر الأبيض المتوسط في الـ(87) من القرن الفائت، أم أن ميكروبات الكرة السورية أكبر من مجهرك الغافل عن فسادٍ نهكَ حلم الوصول إلى العالمية، وحوّل شعارات المشجعين من "غول سوريا" إلى "فات الميعاد وبقينا بعاد" وبصوت "أم كلثوم" تصدح مدرجاتنا بـ" تفيد بإيه ياندم وتعمل إيه يا عذاب"، فما الفائدة من كثرة العتابات عندما تُكبح الأصوات؟
وحين قرر التلفزيون السوري السير مع المنتخب في مشوار التصفيات أتحفنا بالمفاجآت وقدم لنا الويلات، ففي صباح العاشر من تشرين الأول في الـ2017 اعتذر السوريون من سيدتهم "فيروز" واستعاروا حصتها الصباحية من أجل شحن هممهم بأغاني المنتخب الذي كاد أن يمضي بأحلامهم بعيداً، لولا القائم اللعين الذي وقف بوجه العاشقين قبل أن يدمع أعين اللاعبين، ومفاجأة التلفزيون في بث الروح كانت حاضرة بقوة في برنامجٍ صباحي ارتدت فيه المقدمة لون الأصفر وهو لون قميص الخصم الأسترالي!، "أنت فين أيها المعد والكرة فين".
ستة عقودٍ وهيئة الإذاعة والتلفزيون تزداد هرماً وعجزاً عن إطلاق قناة رياضية للمشاهد المحلي فقط، تُغنينا عن التحف التي تقدمها قناتي "نور الشام" و"سورية دراما" بكاميراتيهما المخصصتين لنقل آغوات الرياضة في المنصات، ألم يخجل القائمون على الهيئة من أنفسهم حين قدمت شبكة قنوات "Bein sport" مباراة سوريا وأستراليا مجاناً وتم اللجوء حينها إلى الإعلام الخاص الذي "أبدع" في نقلها مع احترامي لمتاعبي القنوات العالمية!
فالإعلام أيها المعنيون ليس عملية اتصال فقط بين مرسل ومتلقي، الإعلام سياسةٌ انتهجتها دولٌ ارتقت بشعوبها من خلاله، والرياضة طريقٌ لنقل ثقافات البلاد، فدولة قطر أصغر من محافظة حمص مساحةً، اليوم بات اسمها لامعاً عند الغرب قبل العرب من خلال نشاطها الرياضي الذي حظيَّ بإشادة أساطير الكرة وعظماء الرياضات كافة من خلال شبكة قنواتها واحترافيتها، والتطور عجلةٌ خلقت ليركب عليها لا يُنظر إليها، أم أن كلمة "عوجة" باتت مسكناً فعالاً لأوجاع الشارع السوري و"شماعةً" نلقي عليها تقصيرنا وعجزنا، بينما الصورة الطوباية التي ترسمها في أحلامك أيها المتابع دعس عليها التلفزيون ببرامجه والاتحاد بخبراته الأبخازية الجديدة.
المصدر: خاص
شارك المقال: