Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

هل يعيد إسقاط الصفر لليرة السورية قيمتها ؟

هل يعيد إسقاط الصفر لليرة السورية قيمتها ؟

فارس الجيرودي

«الليرة ما عادت تحكي» عبارة يتداولها الشارع السوري، تعليقاً على الانخفاض الكبير في القيمة الشرائية للعملة السورية، بعد سنوات طويلة من حربٍ شرسة، وعقوباتٍ دولية، قلصت موارد الدولة، وتسببت بمعدل تضخمٍ غير مسبوق، عملياً هبطت قيمة الليرة السورية إلى عشر قيمتها السابقة قبل الحرب، مع عدم وجود زيادة في الأجور تواكب ذلك الانخفاض الكبير، فهل يكون الحل بإسقاط أصفار من العملة؟ وهو الإجراء الذي سبق أن لجأت إليه دول أخرى عانت من آفة التضخم مثل تركيا وفنزويلا والبرازيل، وتناقش تطبيقه اليوم دول أخرى مثل العراق وإيران التي سبق وطبقته عام 2017عندما حذفت صفراً، وتخطط لإعادة تطبيقه.

حذف الأصفار من العملة يعني استبدال ورقة الألف دينار العراقية مثلاً بدينار واحد جديد يساوي قيمتها، وفي حالة سوريا يمكن استبدال ورقة الخمسين ليرة بورقة خمس ليرات تساوي نفس قيمتها، وعادةً ما تلجأ الحكومات إلى هذا الحل عند حدوث انهيار كبير في سعر العملة الوطنية، إذ يصبح شراء بعض السلع البسيطة مثل جهاز لاب توب يحتاج إلى الملايين، وبالتالي يعاني المواطنون من اضطرارهم لحمل كمية كبيرة من ورق البنكنوت.

معاون وزير الاقتصاد السوري الأسبق، والخبير الاقتصادي "بركات شاهين" رأى أن هذا الحل يعيد وضع المواطن إلى ما كان عليه قبل الأحداث، معتبراً أنها أعظم هدية من الممكن أن تقدمها الحكومة للسوريين، وأنه أفضل من الزيادات الدورية على رواتب الموظفين الحكوميين، والتي لم تكن أكثر من مسكنات لم يشعر المواطن بأثرها على وضعه المعيشي.

 لكن الخبيرة الاقتصادية الدكتورة نسرين زريق تخالف وجهة النظر هذه إذ ترى أن عملية حذف الأصفار، وسيلة وهمية وفورية لتخفيض سعر الصرف، حيث بدأت عشرات الدول بتطبيقها منذ السبعينيات وحتى اللحظة، لكنها لم تسجل نجاحاً في أي بلد برأي الدكتورة زريق التي ترى أن «المواطنين سوف يشعرون بتحسن اقتصادي وهمي لأن حذف الصفر سيغير سعر السلع ويغير دخل المواطن باللحظة نفسها، ولكن ستبقى المعادلة ذاتها بالضبط دون تغيير بنسبة التضخم، وسوف ينجم عنها حالة ذعر شديد لدى أصحاب المدخرات والإيداعات ظناً منهم بحالة فقر قد تصيبهم لانخفاض قيمة أموالهم في البنوك، وهذا سيؤدي مباشرة إلى انكماش في الاستهلاك، ريثما تتوضح الصورة ويتم إصدار العملات الجديدة».

ونبهت زريق إلى أن تكلفة حذف الصفر قد تتراوح بين 7 إلى 9 سنت أميركي للورقة النقدية الواحدة ما سيكلف الخزينة السورية ملايين الدولارات لشراء وتصميم عملات جديدة.

بالنتيجة يجمع الخبراء على أن تحسين دخل المواطن السوري مرتبط باستعادة الدولة لمصادر العملة الصعبة، التي تمنح الليرة السورية قيمتها، ومصادر العملة الصعبة في الحالة السورية تتمثل في عائدات النفط والسياحة وتصدير المنتجات الزراعية والصناعية، وبالتالي ليس هناك حل سحري آخر لاستعادة الوضع المعيشي للسوريين قبل الحرب، لكن من جهة أخرى قد يكون لعملية حذف الأصفار أثر نفسي إيجابي إذا كان من ضمن خطة شاملة، خصوصاً بعد اكتمال استعادة الدولة السورية لسيادتها على آبار النفط والغاز، واستقرار الوضع الأمني الذي سيمهد لعودة السياحة، وانتعاش الزراعة والصناعة، حيث سيشعر المواطن بأن «الليرة رجعت تحكي من جديد» مما سيشجع الأموال السورية في الخارج على العودة إلى البلاد، و المشاركة في عملية إعادة الإعمار.   

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: