هل سيبقى العمل بعقلية الفاسد في التشاركية ؟
الدكتور سنان علي ديب
موضوع التشاركية بين القطاعين العام والخاص إشكالي كبير قبل الحرب وما زال فالاختلاف بين الطرفين واضح للجميع، قبل الأزمة كانت المؤشرات الاقتصادية بحالة جيدة وكانت قدرات الحكومة متعافية، وهناك فوائض وطاقات بشتى المجالات، وبالتالي يجب استخدام "التشاركية" لمزيد من النمو المولد مزيد من التنمية بهدف زيادة توازنها وتوزعها بين المحافظات وبين الريف والمدينة وعادة ما تكون لمشاريع البنى التحتية أو المشاريع السياحية أو المشاريع الضخمة.
ولكن الذي حصل أن اقتراح "التشاركية"، قد وجه بقوة من القوى المجتمعية والمنظمات والأحزاب، وينظر له بأنه خصخصة مبطنة والتفاف على نهج اقتصاد السوق الاجتماعي، الذي تبناه المؤتمر العاشر للحزب كحالة صحيحة لسيرورة التطور الاقتصادي السوري، وللتفاعل مع التغيرات الخارجية.
ما نتج عنها استهدف بنى حكومية منتجة من خلال إصلاحات صغيرة غير متطورة، بدلاً من أن ينتج عن هذه التشاركية قطاعات منتجة تزيد الطاقة الإنتاجية، وهو ما كان بمحطات الحاويات ومعمل إسمنت طرطوس وأغلب مشاريع الشركات الإنشائية، فيما التدمير بعد الأزمة والخسائر الخيالية بررت توجه الحكومة لتشاركية جديدة وفق الحاجة لاستثمار كل الطاقات للعودة من جديد.
ومدت الحكومة يدها للتعاون مع الخاص الذي لم تتغير عقلية متنفذيه فتشاركيتهم ابتلاع، وعرقلة إصلاح القطاع العام وتقويض دور المؤسسات، وهو ما وجدناه من خلال علاقتهم مع المؤسسة السورية للتجارة وتحكمهم بالأسعار وزيادتها المزاجية كونهم محتكريها بالسوق وبعد الحفلة الحكومية الاستنهاضية عادت هذه الأدوات الاحتكارية لمحاولة تقويض دور المؤسسة عبر التشاركية الموهومة.
ولم تقتصر تشاركيتهم هنا بل بحثت عن كل المنتجات والسلع التي تنتج من قبل الحكومة لتسويقها ضمن مؤسسات تمتلك العناصر البشرية والمالية والمادية لتؤدي تشاركيتهم بهدف ربح فاحش وعطالة مقنعة جديدة، وكذلك لدهاء فسادي ومن أمثلته تقاعس أحد البلديات عن تقديم خدماتها بالنظافة لمواطنيها لنفاجئ بعقد سنوي بمليار ليرة للنظافة، لمتنفذ يوقع بأسرع من البرق وسط ظروف وشروط ومتابعة ستكون متناسبة مع ما يزيد الربح.
وهذه المليار بنصفها لأصلحت الآليات وشغلت متعطلون بعقود مشجعة ولكن التعطيل بهدف التمرير هو السائد، وكم من بلدية ومنشأة أهملت النظافات لتمرير الصفقات، وكم البلد بحاجة لتضافر الجهود و استثمار الطاقات، لكن عقلية الفاسدين لم تتغير وهمهم استمرار الأزمة وتقويض دور الحكومة والمؤسسات الفارضة للقانون، فهل تتشارك المؤسسات والحكومة لتقويض أهدافهم الناهبة أم يستمر تشارك الفساد و"المال الوهمي" لامتصاص خيرات البلاد.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: