مهن من نصيب النساء بأسعار ذهيدة ...
نور ملحم
دفعت الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها كثير من السوريين، بالمرأة السورية إلى دخول ميادين عمل جديدة لم يعتد المجتمع السوري عليها من قبل، وعلى رأسها العم المطاعم والمقاهي أو سائق باص أو سرفيس لنقل المواطنين حتى أن البعض أضطر للعمل في مهن قاسية لأنها تحتاج إلى جهد كبير كالبناء ونقل البلوك والأسمنت.
"أم عبد الله" اضطرت للنزوح من القابون إلى "المزة" لتبدأ رحلة البحث عن عمل لسد احتياجات عائلتها والحصول على قوتها وهو ما لم تعتده كونها لم تكن من النساء العاملات لاكتفاء عائلتها مادياً، بدأت العمل في أحد ورشات البناء في مجال تعبئة أكياس الرمل وصب البلوك، لكنها لم تصمد طويلاً بسبب الإجهاد الكبير والمردود الضئيل جداً، إذ كانت تتقاضى مبلغ عشرة آلاف ليرة لتتحول فيما بعد إلى العمل في مجال تصنيع الأجبان وبنفس المردود لكن بجهد بدني أقل.
بعض الفتيات اضطررن للعمل على الرغم من تواجد رب الأسرة بغرض الحفاظ على مستوى معيشي معين، ومعظم هؤلاء كن من العاملات في سوريا، وعملن للحفاظ على تعليم الأطفال وتأمين كافة الاحتياجات الأساسية بالنسبة لهن، بل إن منهن من تركت دراستها الجامعية لوقوع تلك المسؤولية على عاتقها لتتلقى أجراً زهيداً لا يزيد عن 30 ألف ليرة سورية.
تقول "سماهر" ذو 25 عاماً لـ "جريدتنا": «العمل ليس معيب أبداً العيب أن نمد يدنا ونقف على أبواب المسؤولين كمتسولين لتأمين وظيفة توقيت في هذا الزمن، تكمل الفتاة الحاصلة على شهادة معهد مصرفي ، حاولت كثيراً العمل في الدولة ولكن دون فائدة فما كان مني إلا أن اعمل على سيارة والدي المقعد لنقل البضائع للمحلات».
وبحسب دراسة اقتصادية تحت عنوان واقع المرأة السورية اليوم، فإن أكثر المهن التي تمارسها المرأة السورية اليوم، العمل في الأراضي الزراعية (أعمال زراعية) من قطف محاصيل (فريز- خيار-كوسا- فاصولياء- زيتون…)، وتوضيب المحصول في الصناديق الخشبية أو الكرتونية وتتقاضى المرأة أجراً يتراوح بين (450- 600) ليرة سورية لساعة العمل الواحدة، ومن الأعمال الزراعية التي تمارسها المرأة، الحصاد،"حصاد القمح- الشعير"، وتتقاضى أجراً قدره (500) ليرة سورية لساعة العمل الواحدة في بعض المناطق السورية، كما تعمل المرأة السورية في تنظيف الأراضي من الأعشاب والأحجار بأجر قدره (300) ليرة سورية لساعة العمل الواحدة، البعض اضطررن للعمل في تنظيف المنازل، وتتقاضى الواحدة منهم أجراً يتراوح بين (1500- 3000) ليرة سورية ليوم العمل الواحد بحسب مساحة المنزل، كما أن الكثير من النساء اليوم تجوب الدوائر الحكومية في سوريا لتنظيف المكاتب للموظفين وتحصل على مبلغ (150) ليرة سورية من كل موظف يسمح لها بتنظيف وترتيب مكتبه، ويلاحظ مؤخراً عمل النساء السوريات كمستخدمات في الدوائر الحكومية براتب قدره (23) ألف ليرة سورية قابل للزيادة مع كل ترفيعة ومع القدم الوظيفي، أو كمستخدمة في مراكز الخدمات العامة والمستوصفات والعيادات والمشافي واللافت أيضاً اليوم أن البعض دخلن أعمالاً كانت حكراً على الرجال، كبيع القهوة “المرة” في ظاهرة نادرة في الشارع السوري، بـ (75) ليرة سورية سعر فنجان القهوة.
وأيضاً تبيع المشروبات والمثلجات والتبغ في الطرقات.
فرصة العمل الأفضل والمفضلة التي تراها الفتاة السورية مناسبة ، ولكنها غير كفيلة لسد التكاليف والحاجات الملحة المتراكمة،هي العمل في محلات الألبسة والأحذية والإكسسوارات والحلويات، لكنها تتقاضى راتباً شهرياً يتراوح بين (25000- 50000) بحسب المنطقة التي تعمل بها الفتاة.
ورغم أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كانت قد أصدرت، قرار متعلق بنظام تشغيل النساء، والمتضمن الظروف والشروط والأحوال التي يجري فيها تشغيل النساء، إضافةً إلى الحقوق المترتبة على صاحب العمل، إلا أنه لم يصدر أي إحصائية رسمية خلال الأزمة بخصوص نسبة عمالة المرأة في سوريا، إلا أن المؤشرات في الواقع تتحدث عن زيادة واضحة في عمالة المرأة نتيجة خروج نسبة ذكور كبيرة من سوق العمل فكل رجل مقابل سبع نساء، وفقاً للهيئة السورية لشؤون الأسرة، حيث أشارت الدكتورة في علم الاجتماع أمينة الحاج في تصريح لـ "جريدتنا" أن «قوة العمل النسائية باتت تعادل أربعة أضعاف الرجال، إلا أن كل ليرة تنفق على مشروعات المرأة تعود على الدولة بأربع ليرات».
وأضافت الحاج، إننا «نعاني من اختلالات في سوق العمل من ناحية المتقدمين حيث يتركز أغلبهم على الإناث بنسبة كبيرة، ومحذرة من بروز إشكاليات في مرحلة الانتعاش الاقتصادي ومرحلة إعادة الإعمار في حال لم يتم تدريب المرأة».
وأكملت الدكتورة، «فرضت ظروف الوقت الراهن على النساء السوريات تجربة مختلف أنواع المهن، بما فيها البناء والكهرباء والتمديدات الصحية وجلي البلاط والعمل على الجرارات والسياقة، إلى جانب أعمال مارستها سابقاً كالخياطة والزراعة والتعليم وغيرها، فالكثير من النساء يبحثن عن أعمال لا تناسب مؤهلاتهن وهذا ما يشكل خطراً كبيراً على كرامة المرأة، وما يجعل منهن يقعن ضحية أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون حاجة المرأة للعمل باستغلالها جنسياً أو بأشياء أخرى».
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: