من بين 100 ألف ولادة .. 60امرأة تفارق الحياة في سوريا
نور ملحم
لم تتوقع العائلة المجتمعة بالقرب من غرفة المخاض في انتظار الضيف الجديد القادم للحياة أن تتغير الموازين وينقلب الحدث لتصبح الغرفة المزينة بالورد الأبيض والبالونات الزهرية لمجلس عزاء ومؤاساة بعدما فارقت المرأة الحياة وهي تضع مولدتها.
يقول الزوج المفجوع سمير في حديثه لـ " جريدتنا " "بعد ثلاث سنوات من الزواج قررنا إنجاب أول طفل لنا بحكم الظروف المعيشية الراهنة ، وقد عشنا جميع التفاصيل بحب وسعادة على أمل أن تكتمل حياتنا بالفرح على اسم المولودة التي من المقرر أن نطلقه عليها ، ولكن كل شيء تغير بين لحظة وآخرى وكان الموت هو مصير زوجتي ذو 25 عاماً"
قصص مأساوية كثيرة نسمع عنها وكأنها من نسج الخيال ولكن وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة من كل /100/ ألف ولادة هناك /60/ امرأة تفارق الحياة أثناء الولادة أو بعده.
وبحسب تصريح الدكتور أيهم بركات " اختصاص نسائية وتوليد" لـ " جريدتنا" فأن النسبة مرتفعة مقارنة مع دول الجوار، مبيناً أن هذه النسبة تتركز في الأرياف لانه لا تطالها الرعاية الصحية، و من الصعب تخديمهم بمركز أو بمشفى لأن الكثافة السكانية قليلة، فكيف يمكن تغطيتهم وهم يتوزعون في أماكن ريفية متناثرة، ولا يزال الناس في المناطق الريفية يلجؤون إلى أشخاص غير مدربين، على الرغم من قربهم من المراكز الصحية، لكنهم لأسباب مادية واجتماعية إضافة إلى التقـاليد والعادات فيها تستخف بما يسمى رعاية الأم قـبل وأثناء الولادة، وتصر على أن تنجب الأمهات اليافعات على يد «الداية» المعروفة في المنطقة كنوع من الطقوس العائلية المتوارثة.
ويشير البركات إلى أن التوجه الآن نحو تحسين بيئة المركز الصحي ابتداء من الاستقبال والنظافة، وتوفر التجهيزات ووجود الكادر الطبي، بحيث يخرج متلقّي الخدمة راضٍ عن الخدمة المقدمة له، ونبني الثقة بين المواطن والمركز الصحي فيكثر تردده عليه، وتتحسن الخدمات الصحية عموماً، و المؤشرات الصحية، فعندما تلتزم الأم بأربع زيارات على الأقل للمركز الصحي بفترة الحمل، والمباعدة بين الحمول، والإرضاع الوالدي، وإعطاء الفيتامينات بعد الولادة، ستنخفض بالتأكيد معدلات وفيات الأطفال والأمهات.
الحادثة المكررة للأمهات في سوريا ، كان من أبرز المواضيع التي تمت مناقشتها خلال طرح تقرير حالة السكان في سوريا لينبّه إلى الخطر الذي تشكله هذه الظاهرة، فعلى الرغم من أن الأرقام تشير إلى /60/ وفاة لكل /100/ ألف ولادة حية، فإن تقرير منظمة الصحة العالمية يرفعها إلى /180/ وفاة لكل /100/ ألف ولادة، وهي نسبة مرتفعة جداً، وتتركز في بعض المحافظات دير الزور والرقة وريف دمشق، حيث تبلغ وفيات الأمهات نتيجة الحمل والولادة ضعفي ما هو عليه الحال في دمشق واللاذقية وطرطوس وحمص، و90٪ من هذه الوفيات ينتمي إلى نوع الوفيات القابلة للتشخيص والتدبير مسبقاً، وبالتالي الوقاية منها وتجنبها فيما لو كانت الرعاية الصحية وخدماتها في أثناء الحمل متوفرة وجيدة.
بالمقابل يتسأل الدكتور بركات، لماذا لم تستطع سوريا الوصول إلى الحدّ من نسبة وفيات الأمهات، بينما تحقق إنجازات في مجالات عديدة؟ علينا إعادة النظر بحساباتنا وفعالية مراكزنا الصحية المنتشرة في في المناطق النامية، لأن سوريا ماتزال بالمرتبة 11على مستوى وفيات الأمهات في قائمة ترتيب الدول العربية بعد مجموعة دول الخليج العربي وفلسطين وعمان والسعودية وليبيا، وفي المرتبة الثالثة عشر من أصل /20/ دولة عربية وفق تقرير منظمة الصحة العالمية .
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: