Tuesday November 26, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

«جستنيان» الوباء الذي غيّر شكل العالم!

«جستنيان» الوباء الذي غيّر شكل العالم!

من يقرأ تاريخ الأوبئة التي فتكت بالعالم في أكثر من حقبة تاريخية، يدرك أن قدرة الوباء على إنهاء إمبراطوريات ودول، وخلق نظام عالمي جديد، أقوى من قدرة الحروب والمكائد التي تفتعلها دول كبرى للسيطرة على العالم.

هل سمعتم بطاعون «جستنيان» الذي تفشى عام 541م، وتسبب بهزيمة الإمبراطورية البيزنطية في أهم حروبها، وإضعافها، حتى أن الدراسات التاريخية تشير إلى أن هذا الطاعون ربما كان أهم الأسباب التي ساعدت العرب لاحقاً في حروبها مع بيزنطة، فيما اعتبر البعض أنه كان عاملاً رئيسياً في انتهاء العصور القديمة وبداية العصور الوسطى.

استمد اسم هذا الوباء من اسم الإمبراطور جستنيان الأول، الذي كان يحكم الإمبراطورية البيزنطية أثناء تفشي الطاعون، الذي قتل مابين بين 30 إلى 50 مليون شخص، أي ربما ما يعادل نصف سكان العالم في ذلك الوقت، وقد سجل بروكوبيوس، المؤرخ البيزنطي، أنه في ذروته، كان الطاعون يقتل ما يصل إلى 10،000 شخص يومياً في القسطنطينية.

رجّح الباحثون في التاريخ أن منبع الطاعون كان صعيد مصر، ومنه وصل إلى القسطنطينية، التي كانت تستورد كميات كبيرة من الحبوب من مصر لإطعام سكانها، ويعتقد أن السفن التي كانت تنقل الحبوب قد تكون أيضا نقلت العدوى، من خلال تلوث صوامع الحبوب في المدينة بالفئران والبراغيث التي تحمل المرض.

كانت الإمبراطورية البيزنطية في حالة حرب مع الوندال في منطقة قرطاج، مع القوط الشرقيين في شبه الجزيرة الإيطالية ومع الإمبراطورية الساسانية، وتسبب الطاعون في انسحاب الجيش البيزنطي من إيطاليا عندما كان قد تقريباً سيطرعلى شبه الجزيرة بأكملها.

استمر انتشار الوباء على طول موانئ البحر الأبيض المتوسط، مرورا بالأراضي الأوروبية، ووصل في الشمال إلى الدنمارك وفي الغرب إلى أيرلندا، وأوقف خطط جستنيان لاستعادة الإمبراطورية الرومانية الغربية وسمح بالغزوات التي كانت تشنها القبائل البربرية والتي ستتشكل منها فيما بعد ممالك ودولاً جديدة.

وفي المحصلة، ساهم تفشي هذا الوباء في توقف الأنشطة التجارية وإضعاف الإمبراطورية، مما سمح للحضارات الأخرى باستعادة الأراضي البيزنطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا.

استمر بشكل متقطّع ما بين 541 حتى 750 م , وهي ذات الفترة التي شهدت تحديد شكل الإمبراطورية البيزنطية, و صعود الرهبنة و البابوية الكاثوليكية, والبدايات المبكرة للإسلام,  الفتوحات العربية, وصعود الأسرة الكارولنجية في بلاد الغال الفرنجية.

اليوم وباء كورونا يتفشى في أنحاء العالم، ويهدد الاقتصاد العالمي، وبدا تأثيره واضحاً على هيبة دول كبرى، مثل الولايات المتحدة، فهل ينقل الوباء الجديد إذا مافقدت الدول السيطرة عليه العالم نحو نظام عالمي جديد، تحدد معالمه نتائج وتداعيات تفشي الوباء السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: