ماذا يعني انسحاب أمريكا الكامل من أفغانستان؟
من الصومال إلى أفغانستان وصولاً إلى العراق.. سيناريو واحد ترسمه دوائر البيت الأبيض منذ ثلاثين سنة.. غزو ومن ثم فوضى ومن ثم انسحاب بعد تمكين قوى متطرفة للسيطرة على البلاد بأكملها.
فكلما دنا الاستقرار النسبي في الشرق الأوسط .. تعود القوى العالمية إلى إثارة القلق والخوف فيه عبر إعادة الروح لتنظيمات، لا تحمل في أجندتها إلا صور القتل والرعب والترهيب.
واليوم تحاول الولايات المتحدة إعادة القاعدة العالمية في أفغانستان، لينطلقوا منها إلى باقي العالم.
فماذا يعني انسحاب أمريكا الكامل من أفغانستان ؟
لاشكّ أن القرار الأمريكي بالانسحاب من أفغانستان من شأنه أن يفتح باب جهنم على الشرق الأوسط من جديد، فهو يسلم بحتمية عودة طالبان إلى الساحة، مع شكل جديد أكثر تطرفاً وأكثر توحشاً وانسجاماً مع التطور التكنولوجي ومع الرؤية الأمريكية الجديدة للعالم بعد الوباء.
قد يكون الهدف المخفي لواشنطن موجهاً لدول بحد ذاتها، خصوصاً أن إدارة بايدن لا تخرج من ثوب الإدارات الديمقراطية السابقة، التي تعتمد الحروب الغير مباشرة عبر دعم مجموعات وقوى، تخدم المصالح الأمريكية في إثارة الفوضى دون إرسال جنود أو إنفاق أموال.
لربما هدف الانسحاب قد يكون موجهاً لإيران في الدرجة الأولى من ناحية إثارة الفوضى والنزاعات على حدودها الشرقية، وسحب الاهتمام الإيراني إلى داخل حدود دولتها، وربما يكون التوجيه نحو الصين، لاسيما أن بكين سعت في السنوات الماضية إلى تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، وتوسيع استثماراتها في أفغانستان، التي تنظر لها كورقة رابحة في مشروع الحزام والطريق.
من ناحية روسيا، فالأمر بالنسبة لها سيكون بمثابة إعادة ثوران بركان، ذاقت نارحممه في الثمانينات، خصوصاً مع تكرار مشهد التفاهم الأمريكي غير المعلن مع طالبان، ولكن العبرة الأهم هنا هي لتركيا التي ترسل قواتها باتفاق أحادي مع الولايات المتحدة، وهو ما قد يكون دعوة صريحة للغرق في المستنقع الأفغاني، على شكل صفقة، قد تكون أنقرة الخاسر الأكبر فيها.
إذن الصورة تبدو واضحة جداً.. إن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان المقرر في أيلول القادم من دون ترتيبات أمنية ، يعني حتماً عودة حركة طالبان، لكن ليس هذا هو الخطر الوحيد الذي يُقلق دولاً كثيرة مجاورة لأفغانستان، بل الخطر الأكبر هو أن يتحول ذلك البلد إلى ملاذ آمن لكل الجماعات الإرهابية في العالم، مثل داعش والقاعدة، بما يحمله ذلك المشهد من دمار وقتل للأبرياء مثلما حدث سابقاً، في العراق الذي أصبح بعد الغزو الأمريكي ساحة للاختبارات الحديثة للقاعدة وأخواتها.
https://www.facebook.com/105986514160132/videos/180155924062578
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: