Monday November 25, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

رفيق علي أحمد في "منّا وجرّ".. لعّيب وسط جوقة كومبارس!

رفيق علي أحمد في "منّا وجرّ".. لعّيب وسط جوقة كومبارس!

وسام كنعان

كان مستغرباً أن يحضر النجم اللبناني رفيق علي أحمد هذا الموسم بمسلسل "خمسة ونص" (تأليف إيمان السعيد وإخراج فيليب أسمر) لا لشيء سوى أن العمل مصنوع بمزاج تعتريه السذاجة لحدودها القصوى، وقد تمّ تفصيله على مقاس نادين نسيب نجيم صاحبة القياسات «الولّادية» بفن التمثيل! مسألة أن المسلسل مصنوع لها هذا ليس وجهة نظر نقدية، ربما تظّنها الملكة السابقة لجمال لبنان أنها متحاملة عليها، وتغار من نجاحاتها الأسطورية، إنما برأي صريح لإحدى ممثلات المسلسل وصاحبة التاريخ العامر بالحضور المتفرّد الممثلة اللبنانية رولا حمادة، لدى مقابلة أجرتها أخيراً على قناة "الجديد"! لكن الأكثر غرابة حصل خلال الأسبوع الماضي عندما أطلّ رفيق علي أحد على شاشة mtv في برنامج "منّا وجر" (يقدّمه بيار ربّاط) طمعاً بأن يروّج للمسلسل باعتبار أن "قناة المرّ" كانت أوّل من عرضته في رمضان، وربما تكون شريكة فعلية في إنتاجه مع شركة "الصبّاح"! المفارقة بأن الممثل اللبناني تحضّر لهذا اللقاء بطريقة فاجأت الجميع، وكأنه قررعن سابق إصرار أن يعبث بالهواء فيحيله لصالحه وحده فقط، ومعه جمهور الاستديو. البرنامج القائم على حفنة مستعرضين غالبيتهم لا يجيدون صوغ جملة عربية سليمة وقولها بطلاقة على الهواء ركل "أبو جبران" عنه ورقة التوت الأخيرة فعرّاه تماماً! من يعرف صاحب مسرحية "وحشة" يدرك بأنه اشتغل على هذا الظهور التلفزيوني ربما بنفس السياق والاسترسال والاجتهاد الذي يصنع مسرحه منذ عقود! ولمن لا يعرف عن رفيق سوى "كليب" (دوره في "الزير سالم" تأليف ممدوح عدوان وإخراج حاتم علي) وما تلاه من أدوار تلفزيونية، فعليه أن يجري ضربة بحث واحدة ليعرف تاريخ الرجل المسرحي العريق الذي بدأه مع "الرحابنة" ثم أكمله بمفرده... وحيداً يكتب خلال سنوات طويلة نصّا متماسكاً، ثم يجسّده بمفرده على الخشبة، لا يرافقه سوى جمهور يملأ صالاته أينما قرر العرض! رفيق خامة صوت جوهرية بطريقة جذّابة أغوت "المنار" المسيّجة  بمحاذير رقابية مسبوكة على قوالب الفولاذ، إلا أنها استعانت بصوته ذات مرّة ليحيّي "عيتا " القرية الجنوبية المحررة من الاحتلال الإسرائيلي!

على أيّة حال غنى في البرنامج بطريقة ارتجالية إلى حدّ ما... نسي الكلام فمشى على اللحن بدون موسيقى، وعندما عاد إلى كرسيّه تذكر، فأعاد الأغنية من جديد متفاعلاً معه الجمهور. لكنها لم تكن مجرّد أغنية عابرة، بل خطاب "كباريه سياسي" وجهه للصوص لبنان، وبائعيه وتجّار خيراته. أصلا منذ اللحظة الأوّلى رفع السقف ووصّف بلاده بدقة، قال بالفم الملآن: نحن نصدّق كذبة اسمها لبنان الأزر وجعيتا لكن كلّ ما نتباهى به شغل الله! بينما على الأرض لم يبق سوى أن يوضع أسهم باتجاه الطوائف وزعمائهم وبنوكهم ومحطاتهم! النوّاب ممثلين على الشعب أما الممثلين فيجلسون في بيوتهم.

حتى التلفزيون لم يسلم من لسانه، سخر من حال المحطّات العاجزة عن دفع الرواتب. كأنّه في إطلالته تلك أحال الكاركوزات الجالسة على كراسيها إلى مفردات متى يشاء يحرّكها بتوظيف لصالح سينوغرافيا عرضه المدهش ، و لعل ما حدث هو عبارة عن one mane show  طرأ عليه تعديل بسيط أشعل المقارعة بين نجم المونودراما والكومبارس المبعثرين حوله في الاستديو، وقد قرر بعضهم التمرّد! مثلا منذ البداية جرّب سلام الزعتري "الحربقة" بنصف ساخر ونصف جاد رحّب بضيفه بالقول" إنت مدرسة في التمثيل" فردّ عليه "لا تلبش.. أصلا بطّلنا نقبل طلّاب سيئين". بعد قليل دخل الزعتري على الخط ظناً أنه في مكان يؤهّله لمقارعة صاحب مسرحية "الجرس" بعد أن شرّح الأخير تهالك وضع بلاده على الآخر، أراد الزعتري حشر الضيف بفرضية منح الأمل للأجيال القادمة. فرد عليه نجم الحلقة بالقول: "لماذا تريدنا أن نكذّب على أولادنا، وغالبيتهم تركوا البلاد وهاجروا؟؟!"في اللحظة الحاسمة استعان رفيق بالجمهور وسألهم فحسموا الأمر بطريقة أسكتت الزعتري حتى آخر الحلقة! الجميع كان يترنّح! لم يتمكن كوكب mtv من ستر عوراته أمام ابن الجنوب اللبناني!

 خمس سنوات مرّت لم يظهر رفيق علي أحمد ولا بأي مقابلة تلفزيونية سوى هذه، وقد أرادت mtv قطف حضوره المكرّس، لصالح مسلسلها، لكنّ ندّمها! لأنه فتح كلّ السجلات التي لا تريد المحطة اللبنانية مساسها، وتحدّث في كل شيء عدا عن المسلسل الأبله!

باختصار ربما يكون هذا واحداً من أذكى اللقاءات التلفزيونية التي أجراها ممثل مخضرم في تاريخ المحطات اللبنانية كلّها!

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: