بين غزة وإسرائيل: جولة جديدة في الأفق
يبدو وقف إطلاق النار الذي انتهت إليه المواجهة الأخيرة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل هشاً إلى درجة يُتَوقع معها أن ينهار في أي لحظة، فالفصائل أمهلت الوسطاء المصريين أسبوعاً لتنفيذ بنود الاتفاق، وذلك في ظل أجواء لا توحي بنية الاحتلال الوفاء بتعهده بتخفيف إجراءات الحصار على غزة، ووسط نية الفصائل الواضحة استخدام قوتها الصاروخية مرة أخرى بشكل أوسع وأقصى بهدف إجباره على ذلك، ولو كلف الأمر قصف تل أبيب، وهو القرار الذي كانت غرفة عمليات المقاومة قاب قوسين أو أدنى من اتخاذه خلال المواجهة الأخيرة، لولا نجاح الوسيط المصري في التوصل لاتفاق إطلاق النار في اللحظة الأخيرة.
ويشمل الاتفاق بين الجانبين رفع الحظر الإسرائيلي على دخول البضائع عبر المعابر الإسرائيلية للقطاع، وكذلك رفع الحظر عن منطقة الصيد البحري، والسماح بإدخال منحة الأموال القطرية والتي تبلغ 30 مليون دولار، مخصصة لأعمال الإغاثة المدنية.
ورغم أن مصادر من غزة تستبعد استعداد إسرائيل لتحمل كلفة حرب شاملة مع القطاع في المدى المنظور، فقد اتخذت الأجهزة الأمنية للفصائل الفلسطينية إجراءات احتياط مشددة لمواجهة احتمال قيام نتنياهو بالتعويض عن فشله العسكري فيما يخص صواريخ غزة، عبر تنفيذ اغتيالات بحق شخصيات فلسطينية قيادية، كما وردت معلومات عن تحذيرات فلسطينية أوصلها الوسطاء للإسرائيليين، مفادها أن الرد على عمليات اغتيال كهذه سيكون مختلفاً في المرات القادمة، وسيتجاوز مجرد قصف غلاف غزة، إلى قصف منطقة الوسط الحيوية التي تشمل تل أبيب .
على الجانب الآخر، خرجت تسريبات إسرائيلية تتوقع انهيار التهدئة واندلاع تبادل جديد للقصف، فرأى المحلل العسكري في "هآرتس"، "عاموس هرئيل"، أن المواجهة المقبلة مع "حماس" و"الجهاد الإسلامي" قريبة جداً، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ يتحدث عن إمكانية عملية واسعة في القطاع بحلول الأشهر المقبلة. أما كبير المعلقين العسكريين في القناة الـ "12" العبرية، "روني دانييل"، فقد رأى إنه «سيخيب ظن كل من يعتقد أن جولة التصعيد الأخيرة ستؤسس لحالة من الاستقرار»، مرجعاً ذلك إلى عودة «مسيرات العودة» التي توقع أن « تنتهي برشقة صاروخية أخرى على إسرائيل».
ولا تبدو توقعات دانييل بعيدة عن واقع الحال في ظل النجاحات الملفتة التي سجلتها صواريخ غزة في تجاوز القبة الحديدية الإسرائيلية، حيث كشف "أبو عبيدة" القائد العسكري لكتائب القسام، أن المقاومة الفلسطينية استطاعات وعبر إطلاق رشاقات من عشرات الصواريخ تحقيق الإغراق الصاروخي، وإضعاف فعالية القبة الحديدية إلى الحدود الدنيا، فيما كشفت "سرايا القدس" عن استخدام صاروخ "بدر3" خلال المواجهة الأخيرة وبرأس حربي يزن 250 كغ وبقدرة تدميرية أعلى.
تعليقاً على ذلك زعم مستشار الأمن القومي السابق الجنرال احتياط "يعقوف عميدرور" لصحيفة "جيروزاليم بوست" أنّ الصواريخ التي تطلق على إسرائيل إما سبق تهريبها إلى قطاع غزة قبل تغيير النظام المصري في 2013، أو تم إنتاجها في القطاع نفسه، ولكن باستخدام أنظمة تصنيع بُنيت خلال هذا الإطار الزمني نفسه، على حدّ تعبيره.
المصدر: خاص
شارك المقال: