«الإيجارات» في سوريا.. واقع وحلول
د. عمار يوسف
من المسلم به أن هنالك مشكلة اسكانية حقيقية في سوريا حتى في فترة ما قبل الحرب حيث يزيد الطلب على العرض بطريقة غير طبيعية ومن المعروف أن هنالك العديد من القوانين التي عالجت موضوع الإيجارات صدرت خلال السنوات ما قبل الحرب كان الهدف منها معالجة موضوع الإيجارات لكن لم يكن لها الفائدة المرجوة.
وفي فترة الحرب على سوريا ظهرت أزمة الإيجارات بأبلغ صورها حيث خرج عن الخدمة العقارية ما يزيد على ثلاثة ملايين مسكن سواء كدمار كامل أو جزئي أو دمار للبنى التحتية وتحولت كثير من المناطق من مناطق امنة ضمن التصنيف إلى مناطق غير آمنة الأمر الذي أدى إلى نزوح السكان بطريقة عشوائية وسريعة إلى أقرب منطقة امنة ليصبح الطلب على الإيجارات في تلك المنطقة الآمنة غير مسبوق في وقت قل فيه العرض الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الإيجارات بطريقة فلكية إضافة إلى ما شهدته سوريا خلال الفترة الماضية من انخفاض للقدرة الشرائية لليرة السورية وغلاء المعيشة بشكل عام.
اجتماع هذه العوامل أدى إلى نشوء ما يسمى طفرة إيجارية غير مسبوق وأدى إلى تضاعف أسعار الإيجارات إلى ما يقارب 15 خمسة عشر ضعفاً عن ما قبل الحرب الأمر الذي أرهق كاهل المواطن المضطر للاستئجار نتيجة تهدم منزله أو فراره من الجماعات المسلحة بل وأصبح مضطراً للسكن في أماكن ومنازل لا تصلح للاستخدام البشري.
وتكدس مئات آلاف المواطنين في أبنية على الهيكل ليس فيها أي نوع من أنواع الخدمات إضافة إلى مجموعة من الاقبية تفتقر لأدنى معايير الصحة وأصبحت الشقة الواحدة قد تحوي أكثر من ثلاث عائلات لكي يتمكن أرباب الأسر من تأمين آجار هذه الشقة.
برغم هذا الوضع السيء للمواطنين المهجرين بشكل عام وما يعانونه من تشرد وفقر وعدم إمكانية لدفع أجور السكن لم تقم أي من الجهات الحكومية ولو بمحاولة بسيطة لمعالجة هذا الوضع فلم يتم تأمين البديل لسكن المواطن ولم يتم دفع أي مبالغ من قبل الحكومة للمساهمة في تخفيف أعباء الإيجارات وكانت الحكومة غائبة بشكل عام عن هذه المشكلة التي طالت ما يقارب 35% الخمسة وثلاثون بالمئة من سكان سوريا وكانت كافة الحلول المتوقعة لهذه المسائلة متوقفة على عمل المواطنين انفسهم بدون أي مساعدة حكومية.
حالياً يلاحظ المراقب للوضع الايجاري في سوريا أن هنالك نوعاً من الانفراج وهو انفراج غير حقيقي ناجم عن اعتياد المواطن السوري على غلاء الإيجارات وتفاعله مع الأزمة الإيجارية لمعالجتها بحلول ذاتية يساهم في ذلك عودة الكثير من المناطق غير الآمنة سابقاً إلى كنف الدولة ولكن مساهمة هذا الأمر، ونقصد عودة بعض المناطق إلى كنف الدولة اصطدم بواقع أن تلك المناطق تفتقر للخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصرف صحي أي مدمرة البنى التحتية.
ومع ذلك شهدنا عودة الكثير من أبناء المناطق المحررة إلى قراهم ومنازلهم ومحاولاتهم الحثيثة للتعايش مع الواقع الموجود في تلك المناطق كل ذلك أدى لانخفاض بسيط في أسعار الإيجارات وخاصة في المناطق القريبة من تلك العائدة إلى كنف الدولة.
عند محاولتنا البحث عن حلول لتلك المشكلة نرى أنه لا يمكن السيطرة على موضوع بدل الإيجار بأي شكل من الأشكال، وذلك لسبب بسيط هو أن عقد الإيجار وفق القانون السوري يخضع لمبدأ أساسي وهو العقد شريعة المتعاقدين فلو حاولنا السيطرة على بدل الإيجار أو مدته لأحجم المؤجر عن تأجير عقاره وبالتالي خلقنا مشكلة أكبر من مشكلة ارتفاع الأسعار، وأصبح هنالك خلل في العرض والطلب أكثر مما هو موجود.
ولا يمكن أن نحمل المؤجر صاحب العقار كل المسؤولية في أسعار الإيجارات ويجب تذكر أن المعيشة في سوريا قد تضاعفت متطلباتها بشكل كبير، وبالتالي انخفضت القوة الشرائية لليرة السورية نتيجة ظروف الحرب وبالنتيجة المؤجر هو شخص من الوطن وطاله ما طال الجميع من غلاء للمعيشة وبالتالي فرفعه للسعر هو رفع مبرر بشكل أو بأخر.
وبالتالي لا بد لنا من معالجة حقيقية وفعلية ومن خلال خارطة طريق واضحة المعالم يكون على عاتق الحكومة الجزء الأكبر من الحل وفق ما يلي:
1- إيجاد مشاريع حكومية لتأمين السكن للمواطن بالسرعة الكلية لسببين أولهم: تأمين بديل عن المساكن المدمرة تمهيداً لإعادة السكان إليها والثاني: زيادة العرض عن الطلب الأمر الذي يؤدي إلى اعتدال السعر بشكل عام.
2- إيجاد ما يسمى مؤسسة الإيجارات أي إيجاد مساكن من قبل الحكومة بغاية التأجير فقط وليس التملك وتأجيرها لمستحقيها من المحتاجين بعيداً عن أجواء الفساد التي قد تقضي إلى استثمار شخص واحد بأكثر من مسكن يقوم بتأجيره لحسابه الخاص.
3- تعزيز ثقافة الإيجار فيما بين أفراد المجتمع واعتماد تلك الثقافة كبديل عن التملك وإيجاد البنى التحتية لتأمين المساكن المؤجرة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: