إعدام «عشتار» آلهة الحب في زمن الحرب !
حبيب شحادة
لا شك في أنّ ما حدث مع منحوتة "عشتار"، لا يخرج عن سياق تغول التطرف وانتشاره، إنّما أكثر من ذلك يمكن القول بأنّه عودة بالتاريخ إلى عصر "أبو جهل".
والسؤال هل إزالة جسد "عشتار" المنحوتة على الشجرة يختلف كثيراً عما حدث في تدمر ومعلولا وحتى الموصل العراقية من قطع رؤوس التماثيل؟
يبدو أنّ المشهد الداعشي ما زال يسيطر على عقول وأفكار العديد من الناس.
رغم انحسار نفوذ التنظيم عسكرياً، والدليل هذه الحملة التي شنت على منحوتة على شجرة بحجة أنّها عارية وتروج للإباحية والتعرّي. آلهة الحب والحرب والجمال "عشتار" أصبحت تُثير المخيلات الجنسية وتُمثل مشهد إباحي!
لكن الغريب والمستغرب في آن معاً، يكمن في التجاوب الذي حصل من قِبل القائمين على مهرجان "تحت سماء دمشق"، والذي يهدف لتحويل أشجار دمشق اليابسة إلى منحوتات، أي أنّ وزارة الثقافة السورية استجابت لرؤى من شنوا هذه الحملة الشعواء وقررت الإبقاء فقط على رأس عشتار دون جسمها العاري حفاظاً على قيم المجتمع.
تخيل عزيزي المواطن، وزارة بكاملها هدفها نشر القيم الثقافية والوعي الثقافي العلماني في دولة تتخذ من العلمانية شعاراً لها تستجيب لحملة فيسبوكية وتزيل جسم عشتار المنحوتة من على الشجرة.
في الوقت الذي نسيت دورها خلال تسع سنوات حرب وكانت غائبة عن المشهد العام دون قدرتها على التأثير.
يبدو أنّ الأوقاف ما تزال لها اليد الطولى في شرق البلاد وغربها، وإلا لما كانت وزارة الثقافة استجابت لادعاءات الإساءة للجامعة وطلابها، ألا يوجد مناظر غير منحوتة وحيّة في الجامعة أكثر إثارة وعرّي من منظر المنحوتة الميتة؟ بكل تأكيد يوجد، ولكنها تدخل في إطار الحرية العامة التي لا تستطيع الأوقاف محاربتها على العلن.
يبدو أنّ المشهد السوري رغم سنوات الحرب والقتل والتطرف، مازال محكوم بعقلية أبو جهل، وما زال يرى في جسد المرآة عورة وينظر لجسدها دون عقلها، وما حدث يشكل تطاول على منظومة القيم والأخلاق من قِبل مجموعة من العقول التي ما زالت تعيش في كنف الجهل والتخلف.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: