Thursday May 16, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

زوابع "فيسبوك" تقتلع عشتار من دمشق

زوابع "فيسبوك" تقتلع عشتار من دمشق

خاص 

 

خوف مسؤول على كرسيه.. والحجة "الجمهور عاوز كده

 

"تحت سماء دمشق"، عنوان لمهرجان يعمل من خلال طلاب كلية الفنون الجميلة في العاصمة على تحويل الأشجار الميتة في شوارع دمشق، إلى منصات تحمل منحوتات، منها شجرة قرب المتحف الوطني، حفر عليها شكلا يجسد تمثال الآلهة عشتار، التي ترتبط بالتاريخ السوري، ولأن المنحوتة كانت لامرأة عارية، فقد ذهب البعض نحو إثارة زوبعة في مواقع التواصل الاجتماعي على أنها منحوتة تروج للإباحية والعري، وللمفارقة، فإن قراراً لمؤسسة الاتصالات قبل عامين تقريباً بحظر المواقع الإلكترونية التي تقدم المحتوى الإباحي، كان قد تسبب بزوبعة مماثلة لكن اعتراضاً على القرار بوصفه تعد من المؤسسة على الحقوق والحريات الشخصية للمواطن، وفي الحالتين تجاوبت المؤسسات المعنية مع رغبة جمهور "فيسبوك"، ومثلما رفعت الحجب عن المواقع الإباحية، عادت لتزيل المنحوتة التي أغضبت الجمهور نفسه.

إن بعض الصفحات الباحثة عن التفاعل والترويج لما تنشره لتتحول لمنصة قادرة على جذب الجمهور، باتت قادرة على التأثير بالقرار الرسمي لبعض المؤسسات التي يذهب مدراءها نحو الانحناء لعواصف "فيسبوك"، خوفاً على اقتلاعهم من كراسيهم، لا ليدافعوا عن صوابية اتخاذ القرار قبل هذه الزوبعة أو تلك، ومن المعيب أن ترضخ مؤسسة حكومية لميل صفحة يريد صاحبها أن يكسب كماً من "اللايكات"، يجعل من صفحته قوية وذات تفاعل قد يجلب له لاحقاً المال من الضخ الإعلاني المأجور، ومن المهين للشعب السوري أن تكون منحوتة على شجرة ميتة، مادة أولية للقول بأنها مثيرة للغرائز، فهل يؤكد المسؤول بإزالة المنحوتة بأن الشعب السوري يستثار جنسيا من مجسم خشبي..؟.

ثم كيف تتجاوب المؤسسة المسؤولة مع زوبعة المنحوتة ضمن ساعات قليلة،  وتتجاهل الجهات الرقابية الكم الهائل من المواد التي تسمى "فنية"، وهي مجرد أفعال خادشة للحياء العام، كمثل الأغاني التي تدرج تحت مسمى "الأغاني الشعبية"، وهي أغان لا تصلح حتى للغناء في الملاهي الليلية، وكيف يكون لدى المسؤول القدرة على إزالة منحوتة لأنها "خدشت حياء البعض"، ولا يخدش نظر السادة المسؤولين تراكم القمامة وكثرة نابشيها بحثاً عن لقمة العيش، وكيف تثير منحوتة الرأي العام، وسط تعامي المواطن والمسؤول عن المشردين والمتسولين من الأطفال، وانتشار القوارض في أحياء دمشق، ولماذا نحاول أن نظهر المواطن السوري بصورة لا تشبهه في وقت يبحث العالم عن جماليات تزين شوارعه لتكون أجمل.

في كل بقاع الأرض، وفي مختلف الحضارات، ثمة مجسمات تاريخية عارية للمرأة والرجل، ولا يتعامل كائن حي مع الجماد على إنه محرض على العري والإباحية، وبغض النظر عن مستوى المنحوتة التي تحولت لحدث يحرك المجتمع السوري بين مؤيد للفكرة ومنتقد لها، لتصل درجة اتخاذ قرار عاجل بإزالتها، فإن إحدى العواصم الخليجية التي نسخر منها بين الحين والآخر، تعرض حالياً مجسما بطول ٤٠ متراً للفنان الأمريكي "بريان دونلي"، المعروف باسم "كاوس"، ليذكر الجمهور بضرورة الاسترخاء، وهو مجسم عرض سابقاً في عدد كبير من العواصم والمدن ذات الطابع الثقافي،  فلما لم يكن ثمة هجوم ممن نسخر منهم على المجسم المعروض من قبل حكومتنا، علما إن شعوب الخليج ترى في جزء من ثقافتها أن النحت محرما شرعاً.

إلى هذه الدرجة وصل المجتمع السوري من الانحدار الثقافي، وهل بات الخوف على الكرسي من قبل الجالس عليه، يدفعه لاتخاذ قرار مخيب وجبان كمثل إزالة منحوتة بحجة الاستجابة لاعتراض الشارع عليها، ثم من الذي اعترض أساسا إذا كانت تعليقات السوريين على أي منشور معترض على وجود المنحوتة كانت ساخرة من ناشره ..؟

 

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: