Sunday April 28, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

يوم وزارة الثقافة ضد الثقافة!

يوم وزارة الثقافة ضد الثقافة!

جوان ملا 

افتُتح يوم وزارة الثقافة في دار الأوبرا بدمشق بعروض كانت بعيدة عن الثقافة السورية، فلم تكن الرقصات قريبة من التراث السوري، فضلاً عن استخدام تقنية Play back في العزف والغناء، ربما ذلك خوفاً من الأخطاء والتلبك أثناء العرض، فمن الواضح أن التحضيرات لم تكن كافية للانطلاق، كما أن كلمة وزير الثقافة لم يصاحبها مترجم، فأعاد كلمته مرة ثانية باللغة الإنكليزية!.

في "دمشق" كان هناك عدة عروض مسرحية بين مجمع دمر الثقافي، مسرح الحمراء، ومسرح القباني، وكان من الجدير بوزارة الثقافة أن تقدم نفس الزخم الإعلامي لجميع العروض سواء في "دمشق" أو باقي المحافظات، لكننا لم نشهد ذلك!، فكان لعرضي "اعترافات زوجية" و"امرأة وحيدة" الحظ الدعائي الأكبر بسبب أبطاله، في حين لم يسمع أحد بمسرحيتي مجمع دمر، مع العلم أنهما يحتاجان لدعاية واسعة كون القائمين عليهما ليسوا أشخاصاً معروفين مقارنةً بالنجوم الذين يقدمون مسرحيتي الحمراء والقباني، فلماذا التهميش؟.

لم يحضر مسرحيتي دمّر "عويل" و"جيوفيرينيا" سوى القلائل وكان المسرح فارغاً وبارداً جداً، حيث اختفت التدفئة من المكان ما جعل الجمهور منشغلاً بتدفئة نفسه عن حضور الأحداث كما أن العرضين معادٌ تقديمهما، حيث قُدّما قبلاً في محافظات أخرى.

العرض الأول "عويل" كان جيداً بأداء فنانَيه رغم بعض الأغلاط اللغوية والإعرابية لكن من الواضح أن "باسل حريب" و"عبدالله الزاهد" بذلا جهداً لتحقيق نتيجة جيدة، أما النص فكان واضحاً الانقسام فيه، فهو مأخوذ عن "أكلة لحوم البشر" للكاتب "ممدوح عدوان وعن "صراع اللوحة المهزومة" لمخرج المسرحية "اسماعيل خلف"، فكان الانتقال من نص لآخر غير مريح وواضح الاختلاف، ولم يعطِ الكاتب روحاً واحدة للعمل ليستمر فيه منذ بدايته حتى نهايته.

"جيوفيرينيا" ذات الإخراج الجماعي للكاتب "علي يونس" لم تكن موفقة، فالبداية كانت مترهلة، والنص غير متقن الصنع، أما الأحداث فغير مقنعة وكان من الممكن تقديم فكرة تمازج الحضارات بغير هذه الطريقة.

"امرأة وحيدة" للمخرجة "نسرين فندي" وتمثيل "أمانة والي" قدمت فكرة جريئة بكلمات لا تخلو من بعض الفجاجة، أداء جيد لأمانة يُحتسب لها رغم أن النص يتطلب امرأة أصغر سناً بمرونة أكبر، لكن استطاعت والي أن تلبس الشخصية وتتحرك بسرعة على المسرح الذي كان ملكها وحدها كون النص "مونودراما"، لكنها للأسف أخطأت بكثير من الكلمات والحركات الإعرابية وهذا ما لايجوز فعله من مديرة المسرح القومي!، وكان من الأفضل أن تُكتَب المسرحية باللهجة المحكية بدلاً من الفصحى، لكن ما يبرر ذلك أنها تحتوي على كلمات فجة نابية.

لعل العرض الأبرز كان "اعترافات زوجية" لمخرجه "مأمون الخطيب" وتمثيل "رنا جمول" و"مالك محمد"، حيث غلبت البساطة على الأداء والنص الذي لامس كل الجمهور بمحبة، خصوصاً أنه كان باللهجة المحكية، ما جعل ذلك مقبولاً أكثر، وقد حُبِك النص بطريقة ملائمة تشبه المجتمع السوري رغم أجنبية النص الفرنسي لكاتبه "إيريك إيمانويل شميت"، فكان دراماتوج "آنا عكاش" قادراً على توصيل إحساسها العالي كما فعلت آنا مسبقاً في بعض حلقات "أهل الغرام الجزء الثاني"، وأدى مالك ورنا دوريهما بعفوية وحضور طاغي أكملته السينوغرافيا الملائمة لأحداث العمل.

عروض يوم الثقافة المسرحية كانت متفاوتة، ورغم جمالية بعضها وضعف الأخرى لم تبلغ السقف حتى، والأجدر أن نسأل أنفسنا: "هل نحن بحاجة حقاً إلى يوم للثقافة والعروض أصلاً موجودة على مدار السنة؟" وإن كنا بحاجة لهكذا يوم، ألا ينبغي أن نقدمه بأبهى حلة وبعروض مثلى؟ والأهم من كل هذا، هل مازالت الأمكنة الثقافية من مسارح ومجمعات مؤهلة لتقديم العروض؟ فإن كنا لا نستطيع تقديم نصوص قوية حاضرة فلتعِدِ الوزارة صيانة هذه الأمكنة على أقل تقدير، حتى إن لم يستطع أن يتنفس الحاضرون والفنانون فناً فيها، فليتنفسوا هواءً نقياً من أثاثات مسرحٍ لم يقترب من التعفّن!. 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: