وزارة الثقافة تُخطئ بالإملاء
نصيحة للجان تمكين اللغة العربية، الرئيسية منها والفرعية، ولمجمَّعِها المُوَقَّر، أن يُعيدوا النظر فيما أنجزوه حتى الآن، ليس لأن لغتنا باتت «عال العال»، وبتنا بحاجة إلى مخطط جديد للتمتين والتقوية والتعزيز والتكريس الإيجابي،... وليس لأن لغة الضاد في سوريا باتت على أحسن ما يُرام، واعتادت على فُصحاها مسامِعُنا وبَصَرُنا وبَصيرَتُنا، بعد تغيير أسماء المحلات والشوارع، ومحاولة التأكيد على أهميتها في المدارس ووسائل الإعلام وغيرها، لكن على ما يبدو أن ثمة سوء فهم مُزْمن تقوم به بعض الجهات الأساسية المسؤولة عن ذاك التمكين، بحيث أن هناك ما يُشبِه التعميم في فضائياتنا وإذاعاتنا على استبدال «صباح الخير» و«صباحكم سعيد» لتصبح الـ«بونجور» سيدة الموقف، كما استعاض الكثير من المذيعين ومقدمي البرامج عن كلمة «حسناً»، أو «تماماً»، أو «أوافقك»، بـ«OK» و«D'accord»، و«ِAll right» وكأنهم خريجو جامعة أوكسفورد، أو جامعة لويس الرابع عشر، أو كأن استخدامهم للغة الفصحى -أو اللهجة البيضاء السليمة بالحد الأدنى- يُضيرهم ويُظهِرُهم بعيدين كل البُعد عن الحضارة بحسب عُرفِهم.
الموضوع لا يتوقف فقط على وزارة الإعلام العتيدة، بل يتعداها لوزارة الثقافة العنيدة على أخطائها، فتخيَّلوا أنها ما زالت تُخطئ بالإملاء، ففي إحدى اللوحات الكبيرة التي تُعلن بها عن "أيام الفن التشكيلي السوري" الذي بدأت فعالياته مؤخراً، أخطأت الوزارة في اسم «رئيس الحكومة»، حيث سقط حرف الميم من اسمه، ليصبح "خيس" بدل "خميس"، والأنكى من ذلك أن تتحول في اللوحة ذاتها "وزارة الإعلام" إلى "وزارة أعلام"، وإن أتحفنا أحدهم بأن اختيار نوع خط "Deco type thuluth" في كتابة نص هذا الإعلان هو السبب، فسنرد ببساطة أن الخطوط الإلكترونية تمتلك الكثير من الأخطاء المقصودة من مُبرمجيها، في حين أن الخط العربي هو أحد الفنون التشكيلية الهامة في منطقتنا العربية، فكم كان جميلاً أن يكون الإعلان عن فعالية خاصة بالفن التشكيلي السوري مُصممة من قبل أحد فنّانينا أو مُصمِّمينا أو خطَّاطينا الذين تُرفَع لهم القبعات على مستوى العالم؟ أليس ذلك مهماً للفعالية بحد ذاتها؟ أم أن المهم بالنسبة للمعنيين هو إرغام دور العرض الخاصة على النبش ضمن مقتنياتهم والانتقاء منها للعرض، وكأن ذلك «سـينتشل الزِّير من البئر»، ولاحظوا كيف جعلنا مثلاً شعبياً باللغة الفصحى، فقَهْرُنا على لغتنا الفصيحة لا نُريد التعبير عنه إلا باللغة ذاتها التي نُحِبّ.
شارك المقال: