«وهم نقدي» لزيادة الرواتب يعززه تلاعب فاضح بأسعار السلع !
بالتأكيد فإن الزيادة الأخيرة في الرواتب والأجور لاقت ردود أفعال إيجابية في الشارع السوري عموماً، وهو ما ظهر جلياً عبر تحسن المزاج الشعبي على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وتعليقات روادها.
بالمقابل استمر التخوف لدى شريحة المستفيدين من زيادة الأجور من التهام القيمة الحقيقية لها من خلال ارتفاع مواز في أسعار السلع، كان بدأ أساساً منذ حوالي شهرين مع انخفاض قيمة الليرة السورية.
وبمسح بسيط لمضمون الصفحات الاجتماعية خلال اليومين الماضيين يظهر أن تجار السوق مارسواً رفعاً بنسبة 20% لمنتجاتهم المكدسة في محالهم التجارية ، والتي لا يمكن أن تتأثر بسعر الصرف مطلقاً خلال أيام فقط، كما أبلغ مواطنون في مناطق مختلفة من البلاد.
وكانت وزارة التجارة الداخلية حذرت ما اسمتهم "بعض ضعاف النفوس" من "العبث بقوت المواطن" حسب كتاب وجهته إلى مديرياتها في المحافظات، وطالبت فيه بتكثيف الجولات الرقابية على الأسواق والسلع المطروحة. لكن شكوك كثيرة تثار حول قدرة الوزارة على ضبط السوق بعد فشلها مراراً وتكراراً خلال السنوات السابقة في أداء أبسط أدوارها.
كذلك سارعت "غرفة تجارة ريف دمشق" إلى نشر "مناشدة" وجهتها إلى التجار لجهة عدم المبادرة إلى رفع الأسعار حفاظاً على مبلغ الزيادة لمصلحة الموظفين وتأمين استفادتهم منها، حسب ما نشرت في صفحتها على فيسبوك. وهنا نسأل غرف التجارة كلها، من يرفع الأسعار غير التجار بالمحصلة؟؟.
"د.نور الدين منى" ووزير الزراعة السابق حذر عبر صفحته على (فيسبوك) من ظاهرة الوهم النقدي وتعتبر هذه الظاهرة ظاهرة نفسية، ويوهم بها الشخص نفسه على أنه أصبح لديه أموال أكثر أو أنه أصبح أغنى من ذي قبل.
ويسوق منى مثالاً توضيحياً عن الوهم أو السراب المالي: «فلما كانت معظم رواتب العاملين في الدولة تتمركز حول متوسط حسابي قدره 40 ألف ليرة سورية، فأجريتُ مقارنة قيمة هذا الراتب مع معدلات صرف مختلفة ومن ثم بعد صدور الزيادة».
وبحسب تحليل منى، فإنه عندما كان سعر الصرف 1$ = 400 ل.س كان راتب العامل في الدولة يعادل 100 دولار . ومع تشوهات بالسياسة المالية وسعر الصرف وعدم ضبطها أصبح سعر الصرف يوم صدور المرسوم 765 ل.س . مما يعني أن قيمة المرتب مقيماً بالدولار انخفض إلى 52 دولار.
ومع صدور المرسوم التشريعي وأصبح المرتب 60 ألف ل.س وعند نفس معدل الصرف 765 ل.س أصبح مرتب الموظف 78.4 دولار، أي أن قيمة الراتب 60000 عند معدل سعر صرف 765 ل.س للدولار يساوي قيمة المرتب 40 ألف ل.س بسعر صرف 510 ل.س للدولار منذ حوالي شهرين.
ويقول منى «عندئذ لا يمكن أن نسمي زيادة المرتبات زيادة فعلية. وإذا حسبنا الضرائب تكون النتيجة سلبية وهذا إذا لم يطرأ ارتفاع بأسعار المواد».
ويدعو منى، حتى تعطي هذه الزيادة أكلها وثمارها المرجوة، الجهات الحكومية صاحبة العلاقة إلى مراقبة الأسواق؛ وضبط الأسعار من أي تضخم جنوني.
وقضى المرسوم رقم 23 لعام 2019 بزيادة 20 ألف ليرة سورية على الرواتب والأجور الشهرية للعسكريين والمدنيين، بعد دمج التعويض المعيشي الحالي مع أساس الراتب المقطوع ليكون جزءاً منه.
أما المرسوم التشريعي رقم 24 للعام 2019 فقضى بزيادة 16 ألف ليرة سورية لأصحاب المعاشات التقاعدية من عسكريين ومدنيين أيضاً بعد إضافة التعويض المعيشي لمعاشهم التقاعدي.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: