تقرير يرصد واقعاً مريعاً يحيط بمهنة الصحافة
قد يكون مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده، هو الاعتداء الأكثر بشاعة على حقوق الصحفيين حول العالم، لكن تقريراً صدر مؤخراً عن منظمة "مراسلون بلا حدود" المتخصصة في متابعة شؤون حرية الصحافة، كشف عن مقتل عشرات الأشخاص العاملين في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم خلال عام 2018.
حيث كشف التقرير عن مقتل ما لا يقل عن 63 صحفياً محترفاً حول العالم هذا العام، أي بزيادة قدرها 15 في المائة عن العام السابق، ويرتفع هذا العدد إلى 80 إذا أضفنا العاملين الإعلاميين والصحفيين المواطنين، وفقاً لإحصاء سنوي وضعته المنظمة غير الربحية التي تتخذ من باريس مقراً لها منذ عام 1995.
وأضاف التقرير أن حالات الاعتداء على الصحفيين – سواء أكان ذلك قتلاً أو سجناً أو اختفاءً - قد "ارتفعت في جميع الفئات"، فبالإضافة إلى القتلى، تبين أن 348 صحفياً كانوا محتجزين لدى السلطات و60 آخرين محتجزين لدى جماعات غير حكومية في جميع أنحاء العالم، كما شجب التقرير المزيد من الهجمات اللفظية الصاخبة على المهنة و ممارسيها من قبل شخصيات عامة، وأشار إلى دور وسائل الإعلام الاجتماعية في تضخيم هذا التحريض.
وقال "كريستوف ديلوار" الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود: «لقد بلغ العنف ضد الصحفيين مستويات غير مسبوقة هذا العام، والوضع الآن حرج».
أضاف ديلوار: «إن كراهية الصحفيين التي يتم التعبير عنها، والتي يتم الإعلان عنها بشكل صريح في بعض الأحيان، من قبل السياسيين والقادة الدينيين ورجال الأعمال عديمي الضمير، لها نتائج مأساوية على الأرض، وقد انعكست في هذه الزيادة في نسبة الاعتداءات على الصحفيين».
وأظهر تقرير المنظمة أن نسبة ستة من كل عشرة من الصحفيين الذين تعرضوا للقتل هذا العام، استهدفوا بطريقة مخطط لها بسبب تقارير صحفية أعدوها، كما أظهرت أرقام هذا التقرير تناقضاً مع تقارير الأعوام الثلاثة الماضية التي انخفضت فيها أرقام الصحفيين الذين لقوا حتفهم بسبب مهنتهم.
ولأول مرة انضمت الولايات المتحدة الأمريكية لقائمة الدول الخمسة التي تعد مهنة الصحافة فيها الأخطر على حياة ممارسيها، وذلك بسبب هجوم في تموز أودى بحياة خمسة صحفيين في صحيفة كابيتال في أنابوليس، حيث اشتركت كل من مدغشقر وأفغانستان في تصدرهذه القائمة، يليهما سوريا التي تسببت الحرب الشرسة فيها بمقتل عدد من الصحفيين، ثم المكسيك، فاليمن، فيما تشاركت الولايات المتحدة والهند المركز الخامس.
أضاف تقرير منظمة مراسلون بلا حدود لهذا العام، وفي تكرار للنتائج التي توصل إليها في العام 2017، أن خمسة حكومات برزت كأكبر حكومات تمارس سجن الصحفيين هي: «الصين وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر وتركيا».
أما القضية الأبرز التي خصها التقرير باهتمامه فهي قضية المواطن السعودي المقيم بولاية فيرجينيا وكاتب العمود بصحيفة الواشنطن بوست "جمال خاشقجي" الذي خنق وقطعت جثته في قنصلية بلاده في 2 تشرين أول الماضي، عندما زارها للحصول على أوراق تخص زواجه.
يذكر أن قضية خاشقجي تسببت بحالة من توتر العلاقات السعودية-الأمريكية، ومواجهةً أمريكية داخلية بين الرئيس ترامب والمشرعين الأمريكيين، نتيجة ما اعتبروه تردد الرئيس في إدانة المتحكم بالقرار في السعودية ولي العهد محمد بن سلمان، حيث استنتجت وكالة الاستخبارات الأمريكية أن ولي العهد أمر بقتل خاشقجي.
من جهتها رفضت الحكومة السعودية قراراً لمجلس الشيوخ الأمريكي يدين ولي العهد السعودي بقضية مقتل خاشقجي، محذرين في بيان غير مألوف اللهجة من التدخل في شؤونهم الداخلية.
ومن قضايا القتل المتعمد الأخرى لصحفيين، خص التقرير قضية اغتيال "جان كوسياك" وهو صحفي تحقيقات سلوفاكي قُتل بالرصاص في شهر شباط الماضي مع خطيبته، حيث كان كوسياك يحقق في العلاقات المحتملة بين زعماء الجريمة المنظمة في البلاد ومسؤولين حكوميين.
كما يشير التقرير أيضاً إلى العديد من حالات الوفاة الأخرى أو عمليات السجن أو الاختفاء التي لا يلاحظها العالم الخارجي إلى حد كبير.
حيث تحدثت "مراسلون بلا حدود" في تقريرها عن استخدام القضاء لإسكات أصوات صحفيين، مثل الصحفيين "كياو سوي" و"يي لوين إن وا لون" في ميانمار اللذان حكم عليهما هذا العام بالسجن سبع سنوات، بعد تحقيق صحفي لهما في قضية العنف الممارس ضد الأقلية المسلمة في روهينجيا.
كما سجل التقرير تراجع مركز الولايات المتحدة على مؤشر حرية الصحافة التابع لمنظمة "مراسلون بلا حدود" هذا العام مركزين للأسفل عن ترتيبها العالمي السابق، حيث حلت في المرتبة 45، وفسر ذلك -على الأقل جزئياً- بإقدام الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على وصف وسائل الإعلام و بشكل متكرر بأنها "عدو الشعب".
إن ناقوس الخطر الذي دقه تقرير "مراسلون بلا حدود" سبق وقرعته جماعات أخرى مختصة بحرية الصحافة حول العالم، ففي تشرين الأول الماضي، ذكر تقرير للجنة حماية الصحفيين أنه حتى ذلك الوقت من العام، سجل مقتل ما لا يقل عن 43 صحفياً حول العالم في العام 2018 نتيجة ممارستهم لعملهم، بينما سجل التقرير 17 حالةً أخرى لم يتم فيها تأكيد الدافع وراء القتل.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: