تحليل: عن أخطاء السياسة النقدية القديمة !
هي خارطة طريق لسياسة نقدية وضعتها الحكومات القديمة في سوريا الغرض منها تأمين احتياجات المواطنين والحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي في المصرف المركزي في سوريا وبالتالي الحفاظ على سعر الصرف.
ففي مرحلة من المراحل كان المستورد الرئيسي والوحيد في سوريا هي الدولة وكان الاستيراد يتم للحاجات الاستراتيجية والهامة والمرتبطة بشكل مباشر بحاجات المواطنين، وفي بدايات عام 2000 تغيرت النظرة إلى الحاجات الأساسية فتم التوجه نحو استيراد كافة المنتجات التي لا يتم انتاجها في سوريا مهما كان نوعها، وكان هنالك معادلة توازن بينما ما يتم استيراده وما يتم تصديره الأمر الذي حافظ على قيمة العملة السورية لحوالي ثلاثة عقود من الزمن وبدون فرق يذكر بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء.
وفي بداية الحرب على سوريا، بدء المصرف المركزي بإدارته السابقة لمجموعة من الأخطاء المتراكبة التي أدت إلى عدم استقرار في سوق الصرف للدولار مقابل الليرة السورية، حيث أخذ يفرط بمخزون العملات الصعبة لديه، ولعل أكبر مثال على ذلك استمراره وبعد بداية الحرب بتمويل المستوردات الكمالية إضافة إلى منح أي مواطن يرغب بشراء ما يقارب 10000 عشرة آلاف دولار شهرياً بدون أي تبرير لسبب الشراء إضافة إلى ما قامت به شركات الصرافة الرسمية وغير الرسمية من مضاربات في العملة السورية واستمر الحال طول فترة الأزمة بانفصال تام عن الواقع من قبل البنك المركزي واستمر عن استقرار سعر الصرف على حساب الليرة السورية حتى فقدت الليرة السورية في يومنا هذا ما يقارب التسعين في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي ومنذ أيام صدر قرار عن مجلس الوزراء اعتمد سياسة تمويل وتغطية ما يسمى المدخلات المتعلقة بالإنتاج الزراعي والصناعي أي ما يتطلبه القطاعين الزراعي والصناعي للنهوض من جديد, وثم تفضيل القطاع الزراعي على القطاع الصناعي، وهنا نسأل سؤال بريء هل كنا نحتاج إلى ثمان سنوات لنكتشف أننا بلد زراعي وأن الزراعة هي الأساسي في الناتج القومي السورية.
لنتجه الآن إلى دعم الزراعة من حيث تمويل مستلزمات انتاجها إضافة إلى أننا وعلى مدى سنوات الحرب الطويلة لم نقم بأي إجراء من شأنه دعم الزراعة بل على العكس عانا المزارع المعاناة الأكبر خلال فترة الحرب سواء من عدم تأمين الأدوية والبذور والمحروقات اللازمة للعملية الزراعية ومن حيث عدم تناسب أسعار المنتجات مع التكاليف الأمر الذي أدى بالمزارع إلى خسارات متلاحقة.
وعندما نتحدث عن تمويل المركزي لهذه المستلزمات لا بد لنا في المقابل من الحديث عن نوعية المستوردات الحالية في السوق السورية والتي توقف المركزي عن دعمها ولعل أبرز هذه المستوردات الأقمشة الصينية والتي ازدهر سوق استيرادها في ظل عدم وجود البديل السوري نتيجة الدمار الذي لحق بمصانع النسيج، وكذلك السيارات التي يتم تجميعها في سوريا وقطع غيار السيارات والأحذية الصينية إلى آخر ما هنالك في هذا المجال، ولعل أجهزة الخليوي أحد أبرز هذه المستوردات، حيث وصل الرقم التقريبي في العام 2017 إلى ما يقارب 700 مليون دولار، وكذلك مبلغ 400 مليون دولار بدائل كهربائية من بطاريات ولوازمها من ليدات في العام 2018.
إن الاستمرار في هذا الاستيراد غير المقبول وغير المدعوم من المركزي يؤدي بالنتيجة إلى رفع سعر الصرف لاعتماد التجارة والمستوردين على السوق السوداء والأسواق المجاورة في الحصول على العملة الصعبة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ناحية مهمة جداً هل يستطيع المواطن السوري في حال القيام بما تتمناه الحكومة من إعادة لدوران عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي هل دخل المواطن السوري يجعله قادراً على شراء المنتجات المحلية علماً أن دخله الشهري يعادل 10 % من القدرة الشرائية له في فترة ما قبل الحرب.
إننا والحالة هذه ولكي لا تقع الحكومة بفخ الإجراءات والمعالجات الآنية غير بعيدة المدى لا بد من اعتماد خارطة طريق واضحة يكون بدايتها:
1- تحسين المستوى المعيشي للمواطن.
2- تثبيت سعر الصرف مقابل الليرة السورية.
3- التوقف عن استيراد الكماليات والأمور غير الضرورية.
4- اعتماد سياسة زراعية متكاملة تعتمد على الواقع الفعلي وليس النظري للإنتاج الزراعي وكذلك الصناعي لتحقيق الغايات التي تستهدفها الحكومة من خلال قرارها بتمويل مستوردات العملية الإنتاجية الزراعية والصناعية.
المصدر: الباحث الاقتصادي د. عمار يوسف
بواسطة :
شارك المقال: