طبقة الـ «آيفون»
حالة من فوضى الحسابات كان يعيشها المواطن ليضع خطة استراتيجية يستثمر من خلالها المنحة التي سيقبضها ليواجه موجة غلاء الأسعار التي نتجت عن رفع التسعيرة الحكومية للمحروقات، فعلى الرغم من أن السادة المسؤولين أكدوا من فوق كراسيهم العصماء أن رفع الأسعار غير مبرر وسيكون هناك عقوبات رادعة لم يتجه لرفع سعر منتجه أو بضاعته تبعا لارتفاع أسعار المحروقات، إلا أن أرض الواقع عاكست ذلك، وجاءت كما توقع المواطن تماماً، فالتصريحات تذهب كما العادة أدراج الرياح دون أي فعل ملموس من قبل الجهات الرقابية، ووسط محاولة المسؤولين التبرير بأن نقص بعض المواد الأساسية ومن بينها المحروقات، جاء خبر وصول "الآيفون"، بعدة إصدارت مختلفة إلى الأراضي السورية، ووفقاً لكلام الشركة المستوردة فإنها قد سبقت كل شركات الهواتف المحمولة في الشرق الأوسط، وحصلت على بضاعتها الباهضة الثمن قبل أي دولة عربية أخرى، فـ "الآيفون"، أنار أسواق دمشق قبل أسواق دبي.
كيف يمكن للحكومة أن تمنح رخصة استيراد لـمادة كمالية مثل هذه الهواتف الذكية بهذه السرعة، فالمواطن يسأل أين اختفى الروتين الذي اعتاده من مؤسسات الدولة، ثم كيف تمكنت الشركة من الحصول على هذا النوع من الهواتف الأمريكية الصنع إذا ما كانت موضوعة مع مالكها على لائحة العقوبات الأمريكية المفروضة تحت مسمى "قانون قيصر"، وكيف لـ "شركة آبل"، أن تمنح شركة سورية حق الأفضلية بالحصول على هاتفها الأغلى إذا ما كانت أساساً لا تفعل خدماتها لمالكي الهاتف ضمن الجغرافيا السورية، وهل فكر السادة المسؤولين الذين وقعوا على رخصة الاستيراد بمصدر العملة الصعبة التي ستحتاجها الشركة لشراء كمية من هذه الهواتف التي تتراوح أسعارها بين ٣.٦ -٥.٣ مليون ليرة سورية..؟، أي بمعدل وسطي يصل إلى ٢٥٠٠ دولار أمريكي للهاتف الواحد، وإذا ما قررت الشركة أن تستورد مئة هاتف جديد فقط، فإن ذلك يعني ٢.٥ مليون دولار، ستستجر من السوق السوداء لكون الحكومة لم تدعم استيراد الهواتف الذكية، وعلى ذلك يحق للمواطن أن يقول: "الله يستر"، من ارتفاعات جديدة في أسعار المواد.
وإذا كان هذا الشخص لم يحصل على رخصة استيراد فتعد هذه العملية "تهريب".. ولا تذهب جرم استجرار القطع الأجنبي من السوق السورية، وكيف لشخص أن يفاخر بحفل إطلاق الذي أٌقامه إن كان ذلك قد حصل أو بمعنى أن موضوع الأجهزة الذي تم "تهريب" الأجهزة.
إن كان البعض يفكر برفاهية طبقتهم التي باتت مترفة حد التخمة، ويمتلكون القدرة على التحايل على قانون قيصر والالتفاف حوله للحصول على البضائع الكمالية الباهظة الثمن من أجهزة هواتف نقالة أو سيارات حديثة، فما الذي يمنع الحكومة من إلزام هذه الشركات بتأمين المواد الأساسية للسوق السورية بأسعار التكلفة عبر طريقة الالتفاف ذاتها التي يستخدمونها للحصول على الكماليات، ولماذا يقف المواطن في طوابير طويلة للحصول على الخبز أو المشتقات النفطية بسبب قلة وصول المواد الأساسية نتيجة للعقوبات، بينما "طبقة الآيفون"، تقف على طابورها القصير لتحصل على هاتف يعادل سعره المنحة الممنوحة لـ ٢٠٠ موظف في آن معاً..؟
يرى البعض أن «نشر الشركة لموضوع حصولها الحصري على هذه الأنواع من الهواتف وأسعار المبيع في الداخل السوري يجب أن يعتبر من بين جرائم "وهن عزيمة الشعب"، الذي لم يعد لديه العزم الكافي للوقوف على طوابير الخبز وبقية المواد الأساسية التي يحتاجها ليعيش في الحد الأدنى من مستويات الحياة... على أن نتذكر أنه من الضروري الترحم على كلمة "كريمة"».
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: