صراع اقتصادي وسياسي.. ماذا يحدث بين السعودية الإمارات؟
الناظر إلى العلاقات بين السعودية والإمارات من علو يراها بأفضل حالاتها، وأنهما تنخرطان في حلف استراتيجي واحد، غير أن التحليق على علو منخفض يرى نزاعا اقتصاديا وسياسيا يخالف ما تصوره كاميرات وسائل الإعلام عند تغطية لقاءات مسؤولي البلدين.
أصدقاء أمس باتوا أعداء اليوم. والخلاف الخفي تطور إلى علني.. وأصبحت الفجوات التي تباعد بين البلدين أكثر من الحلقات التي تقرب بينهما، لذلك حقّ القول بأن الحديث عن حليفين هو أمر مجاف للحقيقة بالشكل المطلق.
قضايا عدة خلافية.. من اليمن إلى قطر ومن المدن الحديثة إلى النفط.. فهل انتهت أشهر العسل الطويلة بين الرياض وأبو ظبي ؟\
التنافس الاقتصادي بين دبي ونيوم
منذ صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشكل غير معلن إلى هرم السلطة في المملكة، حاول التوجه باقتصاد المملكلة إلى أن يكون منتجاً غير معتمد على النفط فقط، وهو ما حذا به إلى إطلاق مشروع رؤية السعودية 2030، الذي يشمل إقامة مدن حديثة على البحر الأحمر مثل نيوم، لتكون بمثابة منافس اقتصادي لدبي الإماراتية، لذلك بدأت السعودية التمهيد للأمر، عندما أصدرت قرارات بعدم التعامل مع الشركات التي لا تفتح مكاتب إقليمية على أراضي المملكة.
كما أنها باشرت بسحب تدريجي للشركات السعودية من السوق الإماراتية، فمن المعلوم أن أغلب القنوات التلفزيونية الممولة من السعودية تبث من مدينة دبي الإعلامية.
ولهذا بدأت السعودية باعتماد سياسة الانفتاح والتحرر التي كانت تميز دبي عن غيرها من الدول الخليجية، وذلك من أجل كسب ثقة المستثمرين الأجانب، وخلق بيئة ملائمة للاستثمار قائمة على ما تبدو عليه دبي اليوم.
في المقابل زادت دبي مؤخراً من تسهيلات الإقامة للأجانب، واًصبحت الإقامة الإماراتية حديث وسائل الإعلام، بشكل أثار تساؤلات عن الغاية المخفية لهذا الجذب الخارجي.
حرب اليمن
دخلت الإمارات حرب اليمن إلى جانب السعودية مدفوعة بالتحالف التاريخي بينها وبين السعودية، غير أن رياح الحرب اليمنية هبت بما لا تشتهي سفن الرياض وأبو ظبي، فالحوثي في اليمن استطاع الصمود في وجه تحالف مدعوم بمرتزقة من كافة أنحاء العالم، وهو ما أطال من أمد الحرب، وجعل الجميع في معمعة قتالية لا تنتهي، لذلك غيرت الإمارات توجهها واندفعت نحو إنهاء عملياتها القتالية في اليمن، واستباق تحصيل حصتها بالسيطرة على الشطر الجنوبي الاستراتيجي من اليمن، فكانت المواجهة العسكرية بين قوات عبد رب منصور هادي المدعوم من السعودية وقوات المجلس الجنوبي المدعومة من الإمارات، وهو ما زاد من غضب السعودية وجعلها تواجه صواريخ ومسيرات الحوثي لوحدها، مضطرة في النهاية لمفاوضة إيران على إنهاء حرب اليمن والخروج بأقل الخسائر.
إلى الآن يبقى الخلاف قائماً بين الدولتين في اليمن، خصوصاً بعد السيطرة الإماراتية على جزيرة سقطرى اليمنية التي تقع في دائرة السيطرة على البحر الأحمر وخليج عدن وخطوط تدفق نفط دول الخليج العربي إلى خارج المنطقة.
سياسة مختلفة والتطبيع مع قطر
الفراق السعودي - الإماراتي لم يكن بالمظهر القائم على الأرض فقط من الناحية العسكرية والاقتصادية، فهو ظهر أيضاً في السياسة الخارجية لكلا الدولتين، فالسعودية أسقطت الحلف الخليجي ضد قطر، واتجهت لإعلان مصالحة شبه كاملة مع الدوحة، ومدت يدها إلى تركيا عبر محادثات سرية ولقاءات علنية، تخالف ما اتبعته السعودية في آخر السنوات.
من جانيها الإمارات لا تزال تتحفظ على أي بادرة تصالحية مع قطر، وسعت للردّ على السعودية عبر مد جسور التواصل مع الاحتلال الإسرائيلي، فأعلنت التطبيع معه، وسارت نحو دعم قوى ليست على وفاق مع الرياض، فسارعت إلى فتح سفارتها في دمشق، والمجاهرة بالدعم الاقتصادي والإنساني للدولة السورية.
ولعلّ أكثر ما أبان هذا الخلاف بشكل واضح، عندما أعلنت الإمارات عدم موافقتها على اقتراح قدمته السعودية وروسيا لتمديد اتفاق بين تحالف أوبك بلس، لتحديد كميات النفط المَنتجة لكل دولة من دول التحالف، حيث أعلنت الإمارات أن الاتفاق لا يوزع الحصص بشكل عادل بين الدول، وهو ما أثار استغراب السعودية التي تساءلت عن سبب سكوت الإمارات سابقاً عن التقسيم، ورفضها لاحقاً.
كل ذلك يوحي بأن بذور الخلاف قد نمت بين الدولتين إلى شكل، يصعب معه الاتفاق حول أي قضية مصيرية في المستقبل، وقد يكون هذا الخلاف مقدمة لتفكك منظومة الاتحاد الخليجي، التي تشكل الرياض وأبو ظبي عماده، والذي سبق وأن اهتزت أركانه خلال الأزمة مع قطر، عندما انقسمت الدول الخليجية إلى 3 اتجاهات.
https://www.facebook.com/QstreetJournal/videos/4652132961484317
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: