سندات وأذونات الخزينة لسد عجز الميزانية خلال الحرب
محمد الواوي
يشكل العجز الذي تعاني منه الموازنة السورية كل عام معضلة حقيقية، خاصة مع تدهور اقتصادي عام وعدم القدرة على تمويل مشاريع حيوية نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمصانع والوحدات الإنتاجية، لذلك تفكر الجهات الرسمية بالاتكاء على سندات وأذونات الخزينة رغم ما تحمله من مخاطر.
وفي هذا السياق، يرى د.مهيب صالحة (أستاذ الاقتصاد وعميد سابق لكلية إدارة الأعمال AIU-) أن الحكومات تستعمل سندات وأذونات الخزينة كأدوات مالية في تمويل العجز في الموازنة، حيث تستعمل السندات لتمويل العجز الدائم وطويل الأجل، والأذونات لتمويل العجز المؤقت وقصير الأجل وغالباً يستخدم هذا النوع وكذلك طويل الأجل في حالات الحروب، نظراً للعجز الكبير في موازنة الدولة خلال سنوات الحرب نتيجة الإنفاق عليها وتردي مستوى الإيرادات أو زيادة معدلات التهرب الضريبي، أو بسبب خروجها عن سيطرة الحكومة كالنفط والغاز والقطن والفوسفات ومصادر الطاقة الكهربائية وفقدان الخزينة لإيرادات مهمة للقطاع العام الاقتصادي.
ويبين د.صالحة أن الحكومة السورية كانت تغطي سابقاً عجز موازناتها بالليرات السورية بأذونات وسندات خزينة غير قابلة للتداول لعدم وجود سوق للأوراق المالية وكانت تمول من المصرف المركزي والمصارف العامة على الخزينة، مما كان يؤدي إلى مفاقمة الدين العام، وتفاقم آثاره الخطيرة على الاقتصاد السوري، وعلى سعر صرف الليرة السورية.
ويذكر د.صالحة بأن أول إعلان للحكومة عن إصدار أذونات وسندات تزامن مع إنشاء سوق دمشق للأوراق المالية ٢٠١٠ بقيمة خمسة مليارات ليرة لتمويل مشاريع الطاقة الكهربائية.
وعام ٢٠١٦ أتخذ المصرف المركزي إجراءات جديدة ، من بينها إصدار سندات وأذونات خزينة ، لامتصاص فائض سيولة الليرة السورية من التداول، بغرض تحسين سعر صرف الليرة الذي تهاوى لنحو ٦٠٠ ليرة للدولار الواحد.
وتكررت المحاولة عام ٢٠١٨ بإصدار شهادات إيداع بالعملة الأجنبية لاستقبال جزء من الأموال السورية في الخارج وإعطائها فائدة جيدة أعلى تصل إلى ٥ بالمائة من أجل تمويل مصادر جديدة للطاقة اللازمة للمصانع وتمويل مستوردات مستلزمات الإنتاج وذلك بدل من لجوء التجار والصناعيين إلى السوق الحرة لتأمينها.
ويحذر د. صالحة بالقول "مما لا شك فيه أن سياسة تمويل عجوزات الموازنة بالدين العام إذا تفاقمت، وغدت الوسيلة الأسهل والمسيطرة على ذهنية الحكومة، فإن الدين العام سيتفاقم وسوف يؤثر سلباً، من ضمن عوامل أخرى، على سعر صرف الليرة السورية، خاصة إذا لم تتجاوب السوق المالية بتفعيل الطلب على السندات الحكومية المعروضة فيها للبيع من أجل تخفيض الكتلة النقدية في التداول للحد من معدلات التضخم بسبب تدني درجة الثقة المالية بالحكومة.
وفي هذه الحالة ينعكس خطر السندات على كل من سياسة الدولة المالية والنقدية".
وتسعى الحكومة، كما يشرح د.مهيب صالحة، إلى تحسين سعر صرف الليرة المتهاوية منذ أكثر من أشهر بطرح سندات وأذونات خزينة لامتصاص الكتلة النقدية الفائضة، بعد إحجام المصرف المركزي عن استخدام الاحتياطي بالعملات الصعبة لهذه الغاية عبر المزايدات.
مع العلم أن الاحتياطي يوجد أصلاً ليحافظ على توازن سعر الصرف، ولكن وفق خطة مدروسة تراعي أولويات الصرف، وليس بمزايدات يذهب جلها إلى جيوب قلة متنفذة واحتكارية ومنها ربما إلى خارج البلاد.
ومن المؤكد بأن هذه الإجراءات غير كافية على الإطلاق ما لم تتحرك عجلة الإنتاج الحقيقية، كما أن الاعتماد على فرض ضرائب جديدة مهما بلغت لن يغطي عجز الموازنة بل أسهم عبر التجربة فقط بتآكل القدرة الشرائية للناس.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: