شائعات.. أم أمل؟
تسري عبر مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الشائعات التي قد تكون خارجة من صدر أحد محاولي بث الأمل في الشارع السوري، فهذا يتحدث نقلاً عن مصادر يصفها بـ "الموثوقة"، عن زيادة في أجور موظفي الدولة بنسبة ٥٠%، وذاك يجعلها تصل إلى نسبة ٣٠٠%، وما بين موثوقية مصادر مروجي هذه الشائعات، يأتي بيان حكومي أو تصريح من مسؤول ما عن أهمية "زيادة الاجور"، ويتزامن هذا الكلام مع شائعات لا تقل أهمية في زرع الأمل في نفوس الناس من قبيل "عفو عام سيصدر قريباً"، وما إلى هنالك مما قد يفرح الناس، ولكن أين الحكومة من هذه الشائعات؟ وما الذي يمنعها من تأكيد أو نفي مثل هذه الانباء التي تتلاعب بأعصاب الناس؟
يخشى المواطن من "زيادة الأجور"، لأن في الأمر زيادة أسعار أكيدة في السوق، فـ "حيتان السوق"، يستكثرون على المواطن ما يزيد عن "الخبز الحاف"، وللأمانة فإن الأسعار قد بدأت بالزيادة في السوق قبل أن يصدر قرار "المحروسة الزيادة"، وذلك بناءاً على أنه "ما في بنزين بالبلد"، فما إن قرر سائقو سيارة الأجرة أن يرفعوا تسعيرة خدماتهم إلى "ضعفين" أو أكثر، بنتيجة أنهم غير ملزمين بتحمل الخسائر الناتجة عن الوقوف الطويل في طوابير البنزين، حتى راحت الأسعار ترتفع بشكل جنوني، وعلى الرغم من التصريح الرسمي الذي نقلته إحدى الصحف العاملة في سوريا عن قرب إنتاج مادة "البنزين"، من مصفاة بانياس، فإن السوق لم تتأثر إيجابياً، والكل يقول "ليجي الصبي بنصلي على النبي".
الزيادة في عرف المجتمع السوري وبالٌ على الموظف وغير الموظف، فإذا كان راتبه سيزيد بمعدل ٥٠% إن صحت الشائعات، فإن الأسعار ستزيد بنسبة تصل إلى ١٠٠%، ولسان حال المواطن بعد كل زيادة في أجور العاملين في الدولة تقول "كأنك يا أبو زيد ما غزيت"، فلا فائدة ترجى أو تصرف على أرض الواقع من أي زيادة في الدخل إذا ما كانت الجهات الحكومية غير قادرة أو فاعلة في ضبط الأسعار، وبذكر الزيادات غير المنطقية في السوق، فهل يعرف السادة المسؤولين أن أسعار التبغ المصنع في سورية فاقت أسعار الانواع المهربة، بل واصبحت نادرة لأنها الطلب تزايد عليها بعد الجنون الذي ضرب الأسواق، وعلى سبيل المثال فإن سعر علبة السجائر الواحدة من "الحمراء الطويلة"، وصل إلى ١٤٠٠ ليرة سورية مساء الجمعة، وكأن هذا النوع من المنتجات الاكثر طلباً في الأسواق بعد الخبز والمواد الغذائية، بات مرهونا بـ "بورصة التهريب"، علماً أنه منتج وطني ولا يتأثر كثيراً بـ "أسعار الصرف".
محكومون بالأمل، يقولها المواطن الذي يمنّي النفس بزيادة على أجره دون زيادة على مصروفاته، حالماً بأن يصل دخله إلى نصف احتياجاته الشهرية للإنفاق، فالرواتب التي تقف عند عتبة الـ ٦٠-٧٠ ألف ليرة سورية في أحسن الاحوال، لا تكفي لـ "مصروف أسبوع"، إذا ما كانت الأسعار مستقرة، ومع عودة الصفحات المروجة لأسعار الصرف الوهيمة، للنشاط بشكل مفاجئ خلال ٢٤ ساعة مضت، فإن الخوف حالياً من العودة إلى سيناريو "الأزمات المركّبة"، هو ما يشغل بال المواطن، عسى ألا يحدث الأمر وأن تكون الشائعات الإيجابية كـ "الزيادة"، أمراً واقعياً وقريباً من شأنه أن يكون الـ "بحصة"، التي ستنسد "الجرة"، مع ضرورة أن ينتبه السادة المسؤولين في الحكومة عن قرار الزيادة إلى ضرورة إلزام أرباب الأعمال الخاصة لزيادة أجور موظفيهم.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: