Thursday May 2, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

صفحات فيسبوك تحوِّل دماء السوريين إلى دولارات

صفحات فيسبوك تحوِّل دماء السوريين إلى دولارات

نديم الشَّام

صفحات فيسبوكية عديدة من مثل «دمشق الآن»، و«يوميات قذيفة هاون» عرفت كيف تستثمر الحرب على سوريا أفضل استثمار، والأنكى أنها سخَّرت وجع السوريين وآلامهم ودماءهم من أجل غايات ربحية خاصة، بعيداً عن الشعارات الكبيرة التي أطلقوها، فلا «الإعلام مسؤولية» عندهم، ولا «البلد وما فيها» هو همُّهم، بقدر تحصيل نسبة متابعة عالية وتفاعل على منشوراتهم، بعدما استغلوا حاجة السوريين لمعرفة أدنى معلومة عن الواقع الأمني، لاسيما زمن التفجيرات والمفخخات وقذائف الحقد على الأحياء السكنية، ومن وراء ذلك استطاعوا أن يجمعوا ملايين المتابعين المهتمين بمعرفة أخبار سوريا، لكن مع تزايد الهدوء والتنعُّم بالأمان خاصة في العاصمة ومحيطها، ما زالت تلك الصفحات تتلطَّى وراء هموم السوريين المعيشية، مع سعيٍ واضح للمزيد من الاستثمار التجاري الرخيص فيها، لتتحول إلى «إعلام القمامة» بحسب الباحث الإعلامي الإسباني "إيناسيو رامونه" في كتابه "الصورة وطغيان الاتصال"، حيث لم تُحافظ تلك الصفحات على هويتها التي أُنشِئت من أجلها، بل باتت أقرب إلى الصحافة الصفراء المُعتمدة على الأخبار والمواضيع التي تُحقِّق "Rating" ونسب مشاهدة عالية، ليس بقصد نقل معلومة أو خبر أو الترفيه عن نفوس المُعجبين فيها بفيديو ظريف عن إحدى المعالم السياحية السورية، وإنما بهدف زيادة عدد اللايكات والتعليقات والمُشاهَدات لما تنشره تلك الصفحات، وهو ما يؤدي بالتالي إلى زيادة أرباح القائمين عليها، وذلك عبر مختلف وسائل تحصيل الأموال من إدارة صفحة فيسبوك.

قد يظن البعض أن تلك المرابح قليلة أو هامشها ضئيل، لكن لمن لا يعلم فإن كل دخول إلى الصفحة، وكل مشاركة، وكل تفاعل، وحتى كل ضغطة "لايك"، فإنها تُسجَّل في رصيد مُدراء تلك الصفحات على شكل "سنتات" لا تلبث أن تتحول إلى "دولارات" تتكاثر بازدياد التفاعل. لذا تخيلوا معي فكرة تحوُّل دماء السوريين وأخبار موتهم التي برعت تلك الصفحات بنشرها، محققةً السبق وراء السبق فيها، إلى عملة صعبة، وذلك عبر استغلال سهل ورخيص لآلامنا، لنكتشف أن الفرق التطوعية من الشباب والذين يبذلون أقصى جهدهم لـ«نقل الحقيقة» في جميع ما يتعلق بسوريا، كما يدعون، ليسوا أكثر من تُجَّار أزمة قذرين، يستغلون كل ما تصله أيديهم، ولو كان ذلك ياسمينة دمشقية، يضعونها شعاراً على كفٍّ مُشبعة بدمائنا نحن السوريين. 

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: