روسيا و«إسرائيل».. رسائل الحب والحرب!
اعتراف.. ثم «ثلاثون عاماً» من القطيعة.. فـ«ثلاثون عاماً» من الوصال!
لقد قاتل اليهودُ العربَ بسلاح روسي، ثم قاتل العربُ اليهودَ بسلاح روسي أيضاً!
اعترف الاتحاد السوفييتي بـ«إسرائيل» بعد قيامها بـ 3 أيام فقط..
أكثر من ذلك.. أوعز الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين حينها لتشيكوسلوفاكيا بتزويد الكيان اليهودي الوليد بكل ما يحتاجه من الأسلحة، لقد قاتل اليهودُ العربَ خلال حرب الـ48 بأسلحة سوفييتة!
لولا «ستالين» ما قامت لليهود دولة في فلسطين!
بالوثائق.. وضمن كتاب بعنوان «لماذا أنشأ ستالين إسرائيل؟»، كشف كاتب يهودي روسي شهير يدعى «ليونيد مليتشين»، عن استماتة ستالين لإقامة دولة يهودية في فلسطين، ودعمها بالمال والبشر والسلاح.
جهود الزعيم السوفييتي في تثبيت دعائم الكيان كان لها سببان رئيسيان:
الأول: أراد ستالين من «إسرائيل» أن تكون مقدمة لبناء أول دولة اشتراكية في الشرق الأوسط
الثاني: إنقاذ شبه جزيرة القرم من خطة «يهودية – أمريكية» رمت إلى إقامة الوطن اليهودي فيها
فقد كان الوطن المتفق عليه لليهود هو جمهورية ذاتية الحكم في القرم، ثمناً لتسوية مالية، رهنَ بمقتضاها ستالين الجزيرة لضمان سداد ديون لليهود بقيمة 20 مليون دولار مستحقة على حكومته.
باختصار.. ظل الاتحاد السوفييتي طيلة فترة حرب الـ48 مؤيداً ومتعاطفاً مع «إسرائيل»
لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً
التوجّه الإسرائيلي المتزايد نحو الولايات المتحدة أغضب السوفييت.. كما أن ولاء اليهود الروس لـ«إسرائيل» أكثر من ولائهم للاتحاد السوفييتي شكّل حالة قلق داخل الدولة الشيوعية.
وبدأ الوهم يتلاشى.. لقد اكتشف السوفييت متأخرين أن «إسرائيل» صارت امتداداً لأمريكا في الشرق الأوسط
وانتهى شهر العسل السوفييتي الإسرائيلي!
1953.. عام التحول في العلاقات.. كانت هناك حملة تحريض كبيرة ضد السوفييت من قبل «إسرائيل».. حتى إن «بن غوريون» وصف نظام ستالين بـ«حظيرة العبيد»!
في شباط استهدف تفجير السفارة السوفييتية في تل أبيب.. اتهمت موسكو الشرطة الإسرائيلية بالتواطؤ في الحادث
وقطعت روسيا العلاقات مع «إسرائيل» بعد ذلك مرتين مؤقتاً
الأولى: عام 1953 إثر تفجير السفارة السوفييتية
والثانية: عام 1956 إثر العدوان الثلاثي على مصر
ثم قطعت العلاقات بسبب نكسة حزيران 1967 لفترة طويلة، لتعود بشكل تدريجي في أواخر العهد السوفييتي عام 1991.
الإيحاء بالحب.. هدنة طويلة الأمد!
عام 2000.. وصل بوتين إلى الكرملين ليرث دولة تأكلها التناحرات السياسية، وتمتص دمائها عصابات المافيا و«اللوبي اليهودي»
اتبع بوتين تكتيكاً جديداً للإنقاذ دولته.. بتحويل أعداء روسيا إلى أصدقاء ظاهرياً ومرحلياً
قلّم القيصر أظافر المتنفذين اليهود في روسيا، فمنهم من أودعه السجن ومنهم روّضه لتحقيق غاياته..
في المقابل، استخدم بوتين سياسة الإيحاء بحرص موسكو على علاقات قوية مع الإسرائيليين
ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي عام 2016: «ليس من المبالغة القول إن التواصل بين موسكو وتل أبيب بلغ مرحلة غير مسبوقة»
ديمتري ميدفيديف رئيس الحكومة الروسية عام 2016: «في كل مرة أزور إسرائيل أشعر كما لو كنت في وطني»
«إسرائيل» حليفة لأمريكا عدوة روسيا.. وبالتالي فهي خصم لدود لموسكو، شاءت أم أبت.. وليس الودّ الروسي الظاهري إلا هدنة!
رجل الإطفاء!
في سوريا.. يمكن ملاحظة المقاربة الروسية في التعاطي مع الدول ذات المصالح هناك، سواء كانوا أصدقاء لدمشق أم خصوم.
حين حطت الطائرات الروسية في مطار حميميم لأول مرة خريف 2015، أعلنت موسكو أن هدفها «محاربة الإرهاب» وليس أي جهة أخرى، وقدمت نفسها كـ«ضامن»
نسّقت روسيا مع أمريكا و«إسرائيل» لتجنب أي تصادم جوّي، وقدمت نفسها لتركيا، أهم أعداء دمشق، كصديق يراعي مصالح أنقرة في سوريا وأمنها القومي..
باختصار.. ضمان مصالح روسيا في سوريا يكمن في جعلها دولة آمنة من الفوضى ومن السطوة الغربية، وهي تلعب دور الوسيط، رغم أنها طرف أكيد!
بوتين «رجل الإطفاء» يعمل على التوفيق بين المتناقضات لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الاستراتيجية.. فيوازن علاقات روسيا مع كل من سوريا و«إسرائيل»، ومع كل من سوريا وتركيا، ومع كل من إيران وتركيا
لكن الهدنة طويلة الأمد مع «إسرائيل» ستنتهي بانتهاء الهدنة مع الأصيل الأمريكي.. وهذا أكيد!
https://www.facebook.com/QstreetJournal/videos/778178599805839
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: