Wednesday April 24, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

رسائل العشق تشوه قاعة العرش في قلعة حلب

رسائل العشق تشوه قاعة العرش في قلعة حلب

 

 انطوان بصمه جي

يعد اختراع الكتابة واحداً من أهم الاختراعات البشرية، فمن القدماء من اعتقد أن الكتابة هبة سماوية ومنهم من صنفها أنها عمليات حسابية حدثت نتيجة لحاجة السوق والتجارة، لكن الكتابة على الأوابد الأثرية كجدران قلعة حلب فهنا ليس محل طرح التساؤل في مجتمعات حية تنبض بالحيوية وتتمتع بماضٍ عريق.

إذ تضم سوريا عدداً كبيراً من المواقع الأثرية تعود لحضارات متعاقبة على مدى أكثر من 5000 عام، منها المتاحف والقطع الأثرية والقلاع التاريخية وما تحتويها من قصور وحمامات أثرية، وفي مقدمتها الأحياء والخانات القديمة في حلب التي تعتبر أقدم مستوطنة بشرية في العالم منها ما تعرض لعمليات النهب والسرقة والأخرى صارت عرضةً للتشويه البصري.

لن نغوص في تفاصيل الحرب لكن قاعة العرش المتواجدة داخل قلعة والتي بقيت شاهد حي على جمال وقوة ومنعة قلعتها لم تسلم مما أصاب سور قلعتها الخارجي، فتجد ذكريات مكتوبة على اللوحة التعريفية لقاعة العرش التي غاب عنها أصحابها (السلاطين والملوك)، لتقف صامتاً خاشعاً تتقاذفك عواطف وذكريات لا يدرى مداها، وتتخيل في هذه الفسحة من القصر كم عقد من مجالس وكم وقف فيه من ملوك.

وعرفت قلعة حلب بإحدى أهم وأكبر قلاع العالم، إذ احتلتها العديد من الحضارات وأدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي عام 1986، فملأت نفوس أهلها عزة ماضيها ولا يخفى على أحد أن مدينة حلب القديمة وخاناتها التجارية تدمرت بنسبة كبيرة، وكان لقلعتها الصامدة إلى اليوم نصيب بدمار جزء من سورها. 

وتحسنت الحركة السياحية بشكل تدريجي بعد أن وصلت منذ أيام إلى مدينة حلب أول مجموعة سياحية متضمنة سياح من 9 دول أجنبية، ومن المعروف أن كثير من السياح مولع بالآثار، والوقوف على زمن غابر عاشه السابقون ولأن التاريخ زمان ومكان وأناس، فالزمان يمضى لا يعود وأما الناس الذين ماتوا لا يرجعون، ولن يبقى أمامنا إلا المكان الذي يدخل في التاريخ.

إن المدن تخرب بالحروب والزلازل وبالأحداث الطبيعية والبشرية بعد أن تكون قد عاشت حتى أدركتها الشيخوخة ونال منها البلى، فقصر الخليفة وقد مر عليه قروناً تجعلك تتخيل كم شخصاً مشى على هذا الطريق من خلفاء وأمراء. 

حيث صنفت قاعة العرش من إحدى أبرز المواقع الأثرية في القلعة ومركزاً تراثياً لما تحتويه من الفن المعماري القديم واستخدمها العديد من السلاطين والملوك لما تحتويه من تحصينات ودفاعات قوية، وزين مدخلها الرئيسي كتابة من الشعر ( لصاحب هذا القصر عزّ ودولة وكل الورى في حسنة يتعجب، بني في زمان العدل بالجود والتقى محاسنه فاقت جميع الغرائب)، وفي داخلها أنواع الزخارف الشرقية المتمثلة بالعجمي والموزاييك والزجاج المعشق والحفر على الخشب المطعم بالصدف والثريات الضخمة المتدلية من السقف، ليبقى السؤال الذي يرتسم كإشارة استفهام هل حوّلنا أبيات الشعر إلى مقولة الجنون فنون، بعد أن تعلمنا الحكمة اليومية إن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، أي أنه يبقى ويخلد ولكنك طالما رأيت نقشاً قديماً على الحجر الصد قد محي أكثره وقام بعض الأطفال بتدوين أسمائهم وكتابة رسائل الغزل والهيام إلى عشيقاتهم، فعلى مديرية الأثار والمتاحف أن تدرك بأن الحفاظ على تاريخ سورية وتراثها الثقافي هو حماية لمستقبلها أيضاً، ويجب أن تحظى باهتمام جميع القطاعات العامة والخاصة، لكي لا تدخل المواقع الأثرية في العزلة والإهمال.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: