قرية «كورونية» واحدة!
يقال إن الفيروس التاجي حوّل العالم من قرية كونية واحدة إلى قرية كورونية واحدة!
ولا فرق بين القارات اليوم سوى في نسب الإصابات وطرق التعامل مع هذه الجائحة.
فهل تهدد الجائحة العالمية بدخول عالم أقل عولمة، وتنعي الحدود المفتوحة؟
عام 1997 صدر كتاب مهمّ حول العولمة بعنوان: «عالم واحد.. استعددتم أم لم تستعدوا»!
لكن وبعد أقل من ثلاثة عقود على هذا الإعلان ظهر عدو خطير للعولمة، وأظهر خللاً كبيراً في النظام العالمي الجديد!
خلال أيام قليلة انتقل فيروس كورونا من مدينة في الصين إلى معظم أنحاء العالم، عابراً القارات، دون الحصول على إذن أو تأشيرة دخول، مستفيداً من نظام العولمة الذي حوّل الكرة الأرضية إلى قرية كونية.
في زمن قياسي، وضع كورونا القيود على التجارة العالمية وحركة الأشخاص والبضائع، وأدرك كثيرون مخاطر الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية المعقدة.
وغيّر الفيروس وجهات الجيوش العالمية من الخارج إلى داخل حدودها لحماية جبهتها الداخلية.
والأهم أنه كشف مدى هشاشة النظام العالمي، وأثار الشكوك بين دول العالم، وأصبح عدم الثقة هو السائد بين جهات الأرض الأربع.
على مدى سنوات كان القوميون والشعبويون العدوَ الأبرز للعولمة، وهم المناهضون للحدود المفتوحة والشركات متعددة الجنسيات، والعنصريون ضد هجرة الأجانب إلى بلدانهم.
فهل تقدم الجائحة العالمية خدمة مجانية لهؤلاء.. وتفرض ضوابط أكبر للهجرة والتنقل؟
أنصار الاشتراكية أيضاً، يقولون إن الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم فرصة لخلق «عالم جديد أكثر عدالةً».
فالوباء كشف حقيقة الرأسمالية المتوحشة التي تستثمر بأدوات الكوارث، ولم تجلب للبشرية إلا الخراب والدمار والويلات.
والعولمة بنظرهم كانت تخدم أنظمة رأسمالية دولية، على حساب الفقراء من دول وشعوب، ولكن مع فيروس كورونا انتفت أي فروقات طبقية، وساد ما يمكن تسميته «اشتراكية المرض»، بحيث أصبح الفقير والغني ليسا بمنأى عن هذا الوباء.
بعد انقضاء المحنة العالمية، سيحتاج المؤيدون للعولمة والانفتاح على الناس والمنتجات من جميع أنحاء العالم، إلى حجة جديدة ومقنعة للدفاع عن عالمهم المعولم..
فهل يترك لهم الفيروس حجة في سبيل ذلك؟
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: