Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

قرص فلافل بدمشق غير حياتي

قرص فلافل بدمشق غير حياتي

خاص/ حسن سنديان 

هذا المقال ليس قصة نجاح، بل على ما يبدو قصة جمعت السوريين بمختلف أطيافهم، وربما هذا القرص كان نذير شؤم بالنسبة لي، ولكن رغم عدم محبتي به، لكنني مجبر على تناوله في أغلب الأحيان بسبب الغلاء المعيشي في سوريا.

 2013، الساعة العاشرة صباحاً بمنطقة المزة شيخ سعد، خرجت أنا وصديقي لتناول الفطور، بعد نهار شاق من الدراسة، في ذلك الوقت كانت النقود لا تكفي لشراء الشاورما، فاخترنا الفلافل "مجبر أخاك لا بطل". لم أعتاد على تناول الفلافل على الفطور، ربما صديقي من الساحل السوري، عودني على ذلك، لتتصدر الفلافل في يومي هذا قائمة مأكولاتي الرئيسية بسبب الغلاء الكبير.

لم تكن هذه العزيمة قبل ثماني سنوات عادية، بل كانت مؤشر لارتفاع الأسعار دون الإعلان بشكل رسمي، اكتشفت ذلك من حديث البائع" غليت والله عن مبارح".. بدأ صديقي الحديث عن موقفه من الحرب السورية، وبدء اندثار أحلام الشباب، حينها كان يسرد معاناتنا المشتركة اليوم، ويريد السفر مبكراً، استغربت الأمر، كنت أرى آنذاك سوريا كشاب من مبدأ الأحلام الوردية، لكن صديقي الذي يتناول الفلافل "حاف" ويقرمش القرص وهو يتحدث عن أحلامه بحرقة، حديثه ووضعه مختلف تماماً عن وضعي الاجتماعي "أنا ما فيني نوع بالأكل وضعي ما بيسمحلي"، تأمل بالقرص وبدأ يقضم بحسرة ويتحدث عن أهله وأرضهم التي خسروها بسبب الحرب، ومخططات السفر، كان عازماً على السفر بشكل نهائي، ظننت أنه متسرع.

اليوم 2021 وبذات التوقيت، الساعة العاشرة صباحاً، أصبح سعر سندويشة الفلافل التي أتناولها عن غير حب 1500 ليرة سورية، أخذت أول قرص من البائع وتذكرت حديث صديقي الساحلي قبل ثماني سنوات، السفر – الأحلام – الحب – الحياة، ربما اختصر وضع البلاد مسبقاً أو كان يعلم بالغيب، أو ربما تنبأ بحظه من قرص الفلافل، الذي يدفع ثمنه الفقراء اليوم أضعاف، ولكن الفرق بيني وبين صديقي الذي أصبح طبيباً في ألمانيا اليوم، فارق الزمن والقرار، أو أنه وجد شخصاً يتحدث إليه عن أحلامه ويقرر السفر، أو ربما نجا ولم يستنزف طاقته في هذه البلاد التعيسة، لم يتأمل، لم يأكل البلد ما بقي من شبابه، أنهيت قرص الفلافل، وقلت «أريد السفر ولكن هذه المرة ليس حديثي عن وضعي فقط بل عن وضع كل شاب سوري في هذا البلد يريد السفر».

 

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: