Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

قرار "ترامب" بالانسحاب من سوريا "مثير للقلق" فقط اسأل مستشاريه

قرار "ترامب" بالانسحاب من سوريا "مثير للقلق" فقط اسأل مستشاريه

مقال مترجم من "نيويورك تايمز"

هذه ليست المرة الأولى التي يبعث فيها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وإدارته برسائل متضاربة، فمنذ أقل من ثلاثة أشهر أعلن مستشار الأمن القومي "جون بولتون" هدفاً موسعاً للقوات الأمريكية في سوريا، وأوضح أن الهدف ليس فقط هزيمة "داعش"، ولكن أيضاً ضمان مغادرة القوات الإيرانية للبلاد، حديثه للصحفيين بدا وكأنه بيان رسمي من السياسة الرسمية. لكن وكما هو الحال غالباً في الرئاسة الفوضوية لـ"دونالد ترامب"، قام "ترامب" يوم الأربعاء بإلغاء كلام "بولتون" وباقي فريق الأمن القومي، وأمر بسحب جميع القوات البرية الأمريكية البالغ عددها 2000 جندي من سوريا في غضون 30 يوماً.

إن هذا القرار المفاجئ والخطير، المنفصل عن أي سياق استراتيجي أو أي سبب منطقي، يزرع حالة عدم يقين جديدة بشأن التزام أميركا تجاه الشرق الأوسط، واستعدادها لأن تصبح زعيمة عالمية، ودور "ترامب" كقائد أعلى للقوات المسلحة.

 صحيح أن من واجب الجنود اتباع قائدهم وتنفيذ الأوامر، لكن النجاح يعتمد على الثقة بأن القائد يعرف ماذا يفعل؟ وأين يسير؟، إلا أن إرسال الأوامر المتضاربة للجنود في ساحة المعركة، كما يفعل "ترامب" وإدارته، لا يحبط فقط المعنويات ويقوض قوى حلفاء أمريكا مثل الأكراد السوريين، بل يمكن أن يخاطر بقتل الجنود الأمريكيين أو جرحهم بسبب الأهداف التي تخلى عنها قادتهم بالفعل.

حتى أشد مؤيدي "ترامب" كانوا منزعجين، حيث كتب السناتور الجمهوري "ماركو روبيو" من فلوريدا على "توتير": «إنه خطأ كبير»، «إذا لم يتم عكسها فسوف تطارد هذه الإدارة وأمريكا لسنوات قادمة» وأيضاً السيناتور "ليندسي غراهام" الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، والذي يدعم بشكل عام الرئيس دونالد "ترامب"، إنه وغيره من العاملين في مؤسسة الأمن القومي كانوا "منزعجين" من الإعلان، ودعا لعقد جلسات استماع للكونغرس بشأن القرار.

وهذه ليست المرة الأولى التي يبعث فيها الرئيس وإدارته رسائل متضاربة، فخلال حملة 2016 وعد "ترامب" بسحب القوات من سوريا، وكان يبحث عن طريقة للقيام بذلك منذ ذلك الحين. في أبريل، أعطى "البنتاغون" المزيد من الوقت لإكمال المهمة، التي ركزت بشكل صارم منذ عهد "أوباما" على إنهاء "داعش".

ثم وصل "بولتون" إلى منصب مستشار الأمن القومي، وأعلن أن: «لن نغادر طالما أن القوات الإيرانية خارج الحدود الإيرانية، وهذا يشمل وكلاء وميليشيات إيرانية».

وأخبر المبعوث الأمريكي لسوريا "جيمس جيفري" في وقت متأخر من يوم الاثنين، "مجلس الأطلسي" بأن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا حتى هزم "داعش"، وكبح النفوذ الإيراني، وإيجاد حل سياسي للحرب الأهلية السورية.

لكن يوم الأربعاء، قام "ترامب" بتقويض كلام مستشاريه والمصالح الأمريكية من خلال عكس المسار والإعلان في تغريدة، «لقد هزمنا "داعش" في سوريا، وهذا هو السبب الوحيد لتواجدنا هناك خلال رئاسة "ترامب"».

لم تكن هناك محاولة لاستخدام قوة الانسحاب الأمريكي لتحقيق أي هدف سياسي أو عسكري محدد، فتأكيد "ترامب" على أن "داعش" مهزومة هو أمر سخيف، حيث تدهورت قدرة الإرهابيين على المهاجمة بشكل كبير، كما تم تحرير جزء كبير من الأراضي التي يطالبون بها لما يسمى بالخلافة، ومع ذلك التنظيم ما زال يسيطر على الأراضي الواقعة على الحدود السورية العراقية ولديه ما يقرب من 20 إلى 30 ألف مقاتل وفقاً لباحثين عسكريين، وكما قال جيفري يوم الاثنين: «المهمة لم تنجز بعد».

لا أحد يريد أن تنتشر القوات الأمريكية في منطقة حرب أكثر من اللازم، لكن ليس هناك ما يشير إلى أن "ترامب" قد فكر في عواقب هذا الانسحاب المتهور، فيمكن لهذا الانسحاب أن يسمح لقوات "داعش" بإعادة تنظيم صفوفها وخلق أزمة أخرى قد تعيد الولايات المتحدة إلى المنطقة.

هذا الانسحاب الأميركي سيكون هدية للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، الذي كان يعمل بجد من أجل استبدال النفوذ الأمريكي في المنطقة، وكذلك إيران، التي وسعت نطاقها الإقليمي أيضاً. ومن المؤكد أنه سيجعل من الصعب على إدارة "ترامب" تنفيذ سياستها في تصعيد ما تسميه "أقصى قدر من الضغط" على إيران.

ومن بين أكبر الخاسرين "القوات الكردية "التي قامت الولايات المتحدة بتجهيزها والاعتماد عليها "داعش".

ويعتبر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أن الكثيرين من الأكراد إرهابيون عازمون على تدمير بلاده، وقد تعهد في الأيام الأخيرة بشن هجوم جديد ضدهم، ويذكر أن "ترامب" كان ناقش قرار الانسحاب في مكالمة هاتفية مع "أردوغان" يوم الجمعة.

ومن المرجح أن يقلق الانسحاب الأميركي أيضاً إسرائيل، التي تشعر بالقلق من الوجود العسكري الإيراني القوي في سوريا، والأردن، التي تتحمل عبئاً كبيراً من اللاجئين السوريين الذين فروا من القتال عبر الحدود.

إن نتيجة هذه القرارات عادة ما يتم دراستها بدقة من قبل مستشاري الأمن القومي للرئيس، لكن المشرعين في "الكونغرس" قالوا لا توجد مؤشرات على بدء أي عملية، وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض (رفض مناقشة المداولات الداخلية)، يوم الأربعاء: "القضية هنا هي أن الرئيس اتخذ قراراً".

من الصعب ألا نتساءل ما إذا كان إعلان "ترامب" خطوة درامية لتشتيت الانتباه عن الأخبار السيئة، وفي هذه الحالة سيكون هنا سيل من الأحكام القانونية التي تشدد الخناق القانوني حوله.

وسيكون ذلك أسوأ منطق لزعيم كبير يؤدي اليمين لحماية البلاد وتكريم الرجال والنساء الذين يخدمون في الزي العسكري.

 

شارك المقال: