Wednesday May 7, 2025     
11
:
0
8
:
59
PM
  • Street journal

قرار حكومي... يُشرد آلاف العاملين وأسرهم !

قرار حكومي... يُشرد آلاف العاملين وأسرهم !

حبيب شحادة

بعد 3 سنوات من العمل على نظام العقود الموسمية، فقد الموظف "سامر" عمله بشكل دائم، ذلك نتيجة لقرار الحكومة وقف العمل بنظام العقود الموسمية بتاريخ 31/12/2019. 

يعمل "سامر" في وزارة العدل منذ ثلاث سنوات بعقود موسمية تجدد كل ثلاثة أشهر، وكأنه موظف دائم يقوم بعمله اليومي بشكل روتيني، ليتفاجأ بأنه لم يعد موظفاً بعد تاريخ 1/1/2020، حيث لم يجدد عقده، وخسر عمله دون أي تعويض، ودون وجود دخل أخر يعيش وأسرته منه. 

وينظم الاستخدام المؤقت في الجهات العامة الحكومية المادة 146- من القانون 50 لعام 2004 الناظم للوظيفة العامة التي تنص على «يجوز للجهة العامة، وضمن حدود الاعتمادات المرصدة في الموازنة لهذا الغرض استخدام عمال مؤقتين ـ على أعمال مؤقتة بطبيعتها ـ أو موسميين أو عرضيين».

ونص القانون أيضاً على أنه «لا ينقلب الاستخدام المؤقت أو التعاقد الجاري وفق أحكام هذا الباب، إلــى استخدام دائم ـ وذلك مهما مدد أو جدد وفقاً للمادة 148». 

والتي أضافت «تنتهي مفاعيل الصكوك والعقود المشار إليها في هذا الباب بانتهاء المدة المحددة فيها، ولا يجوز الاستمرار في تنفيذها بعد ذلك، إلا إذا جددت أو مددت أصولاً». 

وفاقم المشكلة أن الاستخدام المؤقت تحول في أغلب الجهات الحكومية إلى دائم لأكثر من ثلاثة أشهر بِفعل التجديد المستمر لتلك العقود ولسنوات طويلة، ما خلق عبء إداري على تلك الجهات تحول لعبء مالي بعد زيادة الرواتب الأخيرة في شهر 11 من العام الماضي، ما استدعى إلغاء تلك العقود دون توفر بديل عنها. 

يكشف التحقيق أن رئاسة الحكومة خالفت القانون 50 لعام 2004 بتمديد تلك العقود بشكل غير قانوني وذلك من خلال استمرار أصحاب تلك العقود الموسمية بالعمل لسنوات طويلة، دون تثبيتهم كعمال دائمين وتسوية وضعهم الوظيفي، ودون إنهاء عقدهم ذو الثلاثة أشهر بعد انتهاء مدته. 

والاستخدام المؤقت يكون عبر صك نموذجي يصدر بقرار من الجهة صاحبة الحق بالتعيين بناء على المادة 146 من القانون 50.

وتعتبر تلك الجهة فريق أول والفريق الثاني العامل. 

يقول المحامي عدنان الربيع لجريدتنا إنّ «الخيار الأفضل هو إعادة تنظيم عقود ٣ أشهر كجزء من واجب الدولة في الاهتمام بالمواطن "فرص عمل ووسيلة معيشة" ولكن بإجراءات تضمن عدم استغلالها من قبل البعض "كالعقود الوهمية"». 

ويشير "الربيع" إلى أن «الغاية من تلك العقود توفير فرص العمل للفئات الهشة في المجتمع، أو لطلاب الجامعات من المحتاجين إليها كي يتمكنوا من إكمال تعليمهم، وهي تدخل في إطار المسؤولية المجتمعية للدولة». 

لكن تحولت تلك العقود وفقاً لـ"الربيع" إلى مشكلة إدارية تخلصت منها الحكومة دفعة واحدة، ذلك عبر إصدارها تعميم بإلغائها دون النظر أو التفريق بين حالة وأخرى.

يقول "سامر" إنّ «عقد عملي في وزارة العدل منذ عام 2017، وملتزم بالعمل دون انقطاع». 

ويدعو للنظر بوضعه لجهة تحويل عقده من ثلاثة أشهر تجدد تلقائياً إلى عقد سنوي، أو عقد دائم.

ويضيف، أن العقود الموسمية تعمل بنفس كفاءة المثبتين نتيجة الخبرة التي اكتسبوها خلال سنوات عملهم. 

مصدر رسمي في وزارة العدل قال لجريدتنا «إن عقود وزارة العدل أتمت السنة الثالثة دون انقطاع، وتم إجراء مسابقة ودراسات أمنية لتعيين هؤلاء، لكن الغيت المسابقة فيما بعد، وبقي هؤلاء على وضعهم كعقود موسمية لحين صدور تعميم الانهاء لتلك العقود». 

وأضاف إن «وزارة العدل بحاجة لهؤلاء العاملين، لكنها لا تستطيع مخالفة تعميم حكومي». 

يقول سامر «كنت موظف كعقد موسمي وأقبض 15 ألف ليرة، وكل الزيادات التي حصلت على الرواتب لم تشملنا كعقود موسمية، ولكن عندما صدرت الزيادة الأخيرة تم الاستغناء عنا». 

يرى المحامي "عدنان الربيع" أن «عقود الثلاثة أشهر لا يحكمها نظام ثابت حيث توجد شركات تقوم بصك عقود استخدام ع كيفها بشكل وهمي في استغلال واضح للقانون».  

ويشير الربيع إلى أن هذه العقود في أغلبها تكون عقود مصلحية ونتيجة واسطة، في حين صرح أحد مدراء التنمية الإدارية في إحدى الجهات الحكومية (رفض ذكر اسمه) أن «عقود الثلاثة أشهر عالة على الموظف المثبت والدولة، والسبب يعود كون عقود الثلاثة أشهر لا يستطيع صاحبها أن ينجز عمل إنما هي فتره مران للموظف، الذي ربما ينتقل بعد ثلاثة أشهر إلى مؤسسه أخرى ليعيق عملها أو يترك العمل».

كما دعا المدير إلى جعل مدة تلك العقود على الأقل سنة، والنظر في بعض حالات من كانوا يعملون وفقاً لنظام العقود عبر اجراء اختبارات لهم وتثبيت من يثبت جدارته. 

ولا يختلف الوضع في مؤسسات حكومية أخرى عما حاصل في وزارة العدل. حيث فُصلت عقود المياومين في المؤسسة السورية للتجارة.  

(محمد. ع) الموظف في السورية للتجارة يقول «تم فصلنا من رأس السنة ولهلق ما منعرف إذا رح يرجعونا ولا لاء». 

ويضيف، أنه تم إبرام عقود جديدة مع المفصولين قبل فصلهم. 

يعمل محمد منذ 4 سنوات في السورية للتجارة بصفة عقد مؤقت، وكان يتقاضى أجره شهرياً لقاء عمله. يقول «سنين عم نداوم في المؤسسة معقول يفصلونا ويجيبوا غيرنا». 

وحيال ذلك يرى خبير الموارد البشرية "خالد السعد" أنه كان هناك استغلال من ذوي النفوس الضعيفة للعقود الموسمية، حيث كان يتم التعاقد مع أشخاص لا يداومون حتى ساعة واحدة ويتقاضون رواتب دون أي مقابل "عمل" وهذه تتم لمحسوبيات معينة. 

وربّما هذا ما أثر على بقية العاملين من فئة العقود الموسمية الذين كانوا ملتزمين ويعملون. 

ويعلّق "السعد" حول قرار الغاء العقود بالقول «اليوم بعد الزيادة الأخيرة للرواتب وارتفاع سقف الفئة الأخيرة لحدود الـ 40 ألف ليرة، أصبح هذا الأجر مغري لبعض المستغلين لمثل هذه العقود، ما استدعى الغائها، إضافة لأنها تتطلب كتلة مالية يجب على الحكومة توفيرها». 

ويقترح السعد لضبط تلك العقود القيام بإجراءات تضمن عدم تكرار الاسم أو وجوده بأكثر من جهة عامة كما كان يحدث، وضبط آلية التعيين عبر العقود بضوابط قانونية واضحة بدلاً من الاستغناء عنها خصوصاً في ظل نقص العمالة التي تعاني منه مؤسسات القطاع العام. 

كما صرح مصدر في رئاسة الحكومة بأن عدد العاملين من فئة العقود الموسمية يبلغ حوالي 5000 عامل في مختلف الجهات. وأن قرار الإلغاء أخرجهم من دائرة الوظيفة العامة دون النظر في خصوصية أو حاجة بعض الجهات لتلك العقود. 

يُدرك سامر فداحة ما حل به جراء خسارته لوظيفته، ودخله الوحيد، في بلد يعيش حرب منذ تسع سنوات دون قدرته على تأمين فرصة عمل أخرى في ظل سوق عمالة يعاني قلة التوظيف وقلة توفر فرص العمل. 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: