مرحلة جديدة من الصراع التركي الكردي.. و"معركة وجودية" تلوح في الأفق

عبد الغني الحمد
صباح تركي مثير ورسائل كثيرة لم تنتظر بريد الحكومة التركية لتمريرها، بل إنها جاءت على شكل هجوم مسلح حصد روح نائب القنصل التركي في كرستان العراق، ليبدأ الأتراك الآن مرحلة إعادة الحسابات الخارجية لتبعات ما بعد مقتل المسؤول التركي في الشمال العراقي، وما يتشابك في ذلك مع ملفات المنطقة، السوري والعراقي والحرب الناعمة بين أقطاب الخليج، ودون شك الملف الأهم لدى الأتراك وهو الصراع مع الجماعات الكردية المسلحة ..
بعد دقائق من إعلان استهداف نائب السفير التركي خرجت المصادر الإعلامية المحسوبة على الميليشيات الكردية بنبأ مفاده أن قوات الأسايش اشتبكت مع مسلح في منطقة الاستهداف وتوالت الأنباء العاجلة بعد ذلك عن تطور هذا الاشتباك إلى ملاحقة، وفي طبيعة الأمر فإن أخباراً كهذه من شأنها أن تمهّد لتصريحات رسمية كردية تتبرّأ من منفذي العملية، وهو ما حصل فعلاً حين نفى المسؤول الإعلامي في قوات "حماية الشعب" الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني ديار دنير علاقة حزبه بالهجوم، ليكون هذا النفي بمثابة رد استبق الانتقاد التركي المتوقع ضد الأكراد ..
مقتل المسؤول التركي جاء بعد إعلان النوايا التركية بتصعّيد قريب لحسم مصير منطقة شرقي نهر الفرات السورية، على غرار ما فعلته في منطقة عفرين شمال غربي حلب، والتي انسحبت منها الميليشيات، بعد الهجوم التركي، وتفيد مصادر إعلامية اليوم بوصول تعزيزات عسكرية تركية كبيرة إلى الحدود السورية التركية قبالة مدينة تل أبيض شمالي الرقة، في مؤشر واضح على أن المنطقة مُقبلة على تطورات مصيرية، خاصة وأن الحشود التركية وُصفت بالـ "كبيرة" ما يشي بأن هناك تحضيرات لهجوم وشيك".
مراقبون رأوا أن الميليشيات الكردية هي من يقف وراء اغتيال المسؤول التركي، وأرادت تمرير رسالة لأنقرة تقول إن "الأهداف التركية بمجملها .. العسكرية منها والدبلوماسية باتت مشروعة حين تتعرض المصالح الكردية للخطر الأكبر، والمتمثل بالرجوع إلى شكل الصراع القديم"، بحيث تتحوّل الميليشيات إلى عصابات مطاردة في الجبال بعد أن كانت تنادي بالاستقلال الذاتي منذ وقت قريب !
المتابع لتطورات الصراع التركي الكردي الممتد لسنوات طويلة يدرك بما لا يدع مجالاً للشك السياسة المعادية التي ينتهجها كل من الطرفين تجاه الآخر، وفي السنوات الطويلة التي سبقت اشتعال الأزمة السورية أخذ الصراع "شكل الدولة التي تسعى للقضاء على تنظيم يهدد أمنها القومي" من وجهة النظر التركية، فيما كان شكله "قضية قومية" من وجهة النظر الأخرى، وبعد بداية الحرب في سوريا تحوّل الصراع من شكله الماضي إلى شكل جديد أفرزته الظروف الجديدة، فالقضية التي سعت وراءها الميليشيات الكردية باتت مرهونة بما تمليه المصلحة الأمريكية أولاً، لكن خوف المليشيات الأكبر اليوم سيكون "تفاهماً تركياً أمريكياً" في الشمال السوري، وذلك ما سيجعل منهم ورقة عسكرية انتهى وقتها !
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: