Wednesday November 27, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

مخرجات التربية والتعليم واحتياجات سوق العمل

مخرجات التربية والتعليم واحتياجات سوق العمل

د.مدين علي

 

انعكست مفاعيل الحرب الدائرة في سوريا بصورة مباشرة على واقع البطالة، وقطاع العمالة والتشغيل، إذّ بات القطاع المذكور يعاني من اختلالات هيكلية حادة، ظهرت مؤشراتها في مستويات متعددة، يمكن الإشارة  إليها عن طريق الآتي:   

 

الأول: اختلال توزيعي: إذّ أن غالبية عظمى من المشتغلين في مؤسسات الخدمة المدنية ومختلف مؤسسات القطاع العام، وبنسبة تتراوح بين (60 ــ 70 %)، أصبحت تتركز في قطاعات الصحة والتربية والتعليم، (غالبيتهم، وبنسبة تتجاوز حدود 60% هم من الإناث)، وذلك يتم على حساب قطاعات أخرى، تحديداً قطاعات الإنتاج المادي (كالزراعة والصناعة)، التي لم تتجاوز نسبة المشتغلين فيه حدود (30%) من إجمالي عدد المشتغلين.

 

الثاني: اختلال جندري: يتمثل بأن غالبية عظمى من المتعطلين عن العمل، في مختلف المحافظات السورية، هم من الإناث، وذلك يعود لأسباب مختلفة منها: هجرة الشباب خارج سوريا، أو التحاقهم بالخدمة العسكرية، أو بسبب ارتفاع نسبة الوفيات بين الذكور، أو إغلاق كثيرٍ من المؤسسات الخاصة، التي كانت تستوعب أعداداً مهمة من الإناث.

 

الثالث: اختلال بنيوي/علمي ومعرفي على مستوى البطالة: إذّ أنّ غالبية العاطلين عن العمل، هم من حملة شهادات التخصصات الأدبية والتربوية والدينية والاقتصاد والقانون، ولذا فإن الارتفاع في حجم الطلب على العمل والتشغيل، يتركز بصورة أساسية في شرائح حاملي الشهادات والتخصصات المذكورة أعلاه، التي ينخفض مستوى الطلب، سواء كان من قبل القطاع العام أم القطاع الخاص، في الوقت الذي تنخفض فيه نسبة البطالة إلى حدٍّ كبير وتكاد تكون شبه معدومة، في صفوف أصحاب الشهادات العلمية الطبية والهندسية والتخصصات التقنية والتكنولوجية والعلوم التطبيقية.

 

الرابع: هناك نقص كبير في عرض العمل في السوق لأصحاب المهن والحرف والصنائع التقليدية المختلفة (بنائين نجارين مقاولي بناء، حدادين بلاطين، وأصحاب حرف ومهن يدوية......وغير ذلك)، وهذا النقص يرتبط في الواقع بأسباب كثيرة ومتعددة منها: الهجرة وارتفاع نسب الوفيات بين الذكور، والالتحاق بالخدمة العسكرية، و تغيير العمل، جراء تغيير أماكن الإقامة، نتيجة عدم الاستقرار، أو عدم القدرة على نقل العدد والأدوات والآلات.............وغير ذلك.

 

وفي الواقع إن ارتفاع الندرة النسبية لقوة عمل أصحاب المهن  المذكورة فيما تقدم، أسهم إلى حدٍّ كبير في ارتفاع نسب الأجور والأسعار لمختلف خدمات المهن المذكورة.

 

في كافة الأحوال، إن الاختلالات المذكورة فيما تقدم، تحتاج إلى تدخل سياساتي عاجل، لجهة ما يتعلق برفع مستوى منسوب الموائمة والتوافق، بين مخرجات العملية التربوية والتعليمية، وبين احتياجات سوق العمل ومتطلباته، وذلك بواسطة مجموعة من الإجراءات التدخلية، العاجلة، يندرج في مقدمتها إعادة النظر بسياسة الاستيعاب الجامعي، والتوجه نحو رفع معدلات القبول في الجامعات العامة والخاصة، لمختلف التخصصات، التي لا يوجد على مخرجاتها طلب في سوق العمل، وتوجيه الطلاب عن طريق محفزات ومزايا مختلفة، للالتحاق بمعاهد تطبيقية ومهنية وحرفية، يوجد طلب على خريجها ومخرجاتها العلمية، كالمعاهد التكنولوجية والكهربائية والمعلوماتية، إضافة إلى المعاهد الحرفية والمهنية المختلفة، المختصة بإعداد كوادر البناء والإنشاء والأكساء والصيانة والإصلاح والطاقة وتأهيل البنى والمرافق الخدمية والانتاجية، وهذا يعدُّ مدخلاً مهماً من المداخل الاستراتيجية لحل مشكلة البطالة والتشغيل في سورية وتأمين الكوادر المطلوبة للمرحلة الراهنة،  ولمرحلة ما بعد الحرب. 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: