مافيات طب في لبنان.. وأساليب نصب في المستشفيات !

لم يعد جديداً الاتهامات الموجهة لمستشفيات اللبنان بالاستيلاء على المال العام عبر فواتير وهمية مضخّمة، بل الجديد هو قرار وزارة الصحة، بعد سنوات من الانتظار، لإغلاق واحد من أكبر مزاريب الهدر في لبنان بما يلامس الـ 500 مليار ليرة سنوياً تذهب الى جيوب أصحاب المستشفيات عبر نغمة ملّ اللبنانيون تردادها، اسمها «اجتياز السقوف المالية».
«تعددت النماذج والسرقة واحدة»، من تلاعب في رموز العمليات، إلى فوترة أعمال جراحية وهمية، تسجيل مرضى يستفيدون من خدمات شركات التأمين على حساب وزارة الصحة وتقاضي بدل الاستشفاء من الجهتين، فوترة صور شعاعية «شكلية» غير مرفقة بنتائجها، تسجيل فحوصات مخبرية وهمية، التلاعب في عدد أيام مكوث المريض في المُستشفى، إدخال مرضى وهميين وتقاضي بدل «مكوثهم» أياماً في المستشفى دون أن يعبروا أبوابها أساساً، سرقة بعض مديري المستشفيات الحكومية المازوت المخصص للتدفئة، وإجبار المرضى على احضار دفاياتهم مهعم؟، كل هذه النماذج وغيرها، بعض مما كشفته الفواتير التي تم تدقيها في وزارة الصحة، بعد رصدها شبهات نصب ممنهج للمال العام أثناء مراجعتها ملفات مرضى الوزارة أي أولئك الذين لا يستفيدون من أي تغطية صحية تقدمها بقية الجهات الضامنة، وتكون نفقة استشفائهم وعلاجهم على حساب «الصحة».
وزير الصحة اللبناني حمد حسن فسخ، في 21 نيسان الماضي، العقد الموقّع مع مُستشفى المشرق وأوقف عقد الطبيب المراقب وأحال الملف على النيابة العامة المالية بمفعول رجعي بكافة الفواتير للمؤسسة.
قرار الفسخ جاء بعدما تبيّن أن المُستشفى زعمت في تقارير قدمتها بإنها عالجت 96 مريضاً على نفقة الوزارة، ليتبيّن لاحقاً أن 16 فقط من هؤلاء لديهم ملفات فعلية، فيما 80 من المرضى المزعومين لا وجود لهم أساساً في الملفات، الأمر الذي دفع ذلك حسن إلى فتح ملفات بقية المُستشفيات وإعادة التدقيق فيها، وشكّل مدخلاً لاتخاذه قراراً (الرقم 454/1)، في 28 نيسان الماضي، بالتشدّد في تدقيق ملفات تجاوز السقف المالي المخصص للمُستشفيات المتعاقدة مع الوزارة، بدءاً من الشهر الجاري تخصّص الوزارة لكلّ مُستشفى تتعاقد معه مبلغاً محدّداً تنفق منه لتغطية تكاليف المرضى غير المضمونين، وتجاوز السقف المالي يعني تخطّي الأموال المخصصة للمرضى، ما يحتّم تقديم تقارير تتضمن فواتير للاستحصال على أموال إضافية.
صحف محلية لبنانية كشفت أيضاً بعض الملفات تظهر، مثلاً، أن أحد المُستشفيات الخاصة يعمد إلى التلاعب برموز العمليات (الكودات) وتزوير العمل الجراحي بهدف مضاعفة الكلفة، فيما لدى مُستشفيات أخرى «استشارات طبية شبه ثابتة، فهناك، مثلاً، 270 ملفاً لمرضى في شهر واحد، جميعها تتضمن معاينة من قبل الطبيب نفسه».
وقال وزير الصحة اللبناني حمد حسن إن «مُستشفيات جامعية كبيرة لا يقلّ سقفها المالي عن ثلاثة مليارات ليرة تزعم أمام بعض المرضى أنها غير متعاقدة مع وزارة الصحة، وتخصّص السقف لمرضى محظيين». مؤكداً أن عمليات التدقيق «أظهرت نتائج كارثية». وشدد على أن الوزارة «ستعمل على مكافحة الفساد الصحي من خلال التشدد في الرقابة على تجاوز السقوفات المالية».
الهدف من القرار، وفق حمد، هو «وقف الهدر في وقته ولحظته وليس عبر إجراءات لاحقة»، وهو من ضمن «استراتيجية صحية واستشفائية سليمة تحمي المواطن وتحفظ حق المؤسسة من دون تحميل أعباء مشبوهة لوزارة الصحة وللمال العام». ولفت الى «حق المواطن بالاطلاع على الفاتورة وعلى الإجراءات الطبية المنفذة التي خضع لها والمُطالبة بالتدقيق مع طبيب الوزارة المنتدب في الفاتورة قبل دفع الفارق. ولم يعد مسموحاً أن يُقال للمريض إن الفاتورة لم تجهز بعد، إذ يجب أن تكون جاهزة قبيل خروج المريض من المؤسسة الاستشفائية».
هذه التجاوزات التي سجلتها وزارة الصحة لا تقتصر على المُستشفيات الخاصة، بل تطال الكثير من المُستشفيات الحكومية «التي عليها أن تستعيد دورها»، وفق وزير الصحة حمد حسن الذي أكد أنه ستتم ملاحقة كل رئيس مجلس إدارة يتقاعس عن أداء هذا الدور.
ووفقاً لوزير الصحة اللبناني فإن «عمليات التدقيق بيّنت أن قرار بعض المُستشفيات الحكومية إقفال أقسام فيها جاء عمداً لمصلحة مُستشفيات خاصة وبتواطؤ بين رؤساء مجالس الإدارة». كما أشار الى أن «ثمة أدوات ومعدات وتجهيزات جديدة كالنواضير وغيرها غير مستعملة ولا يتم تشغيلها في المُستشفيات الحكومية. هناك أقسام معطلة نتيجة قرار ممنهج بإقفالها وعدم تشغيلها، وهو ما سنقوم بمعالجته في المرحلة المقبلة».
المصدر: وكالات
شارك المقال: