لقاح تلقاه معظم السوريين في صغرهم قد يحميهم من فيروس كورونا
تذكر معنا جيداً هل تم تلقيحك وأنت صغير "التطعيم"، إذا أردت التحقق من ذلك فانظر جيداً إلى أعلى يدك اليسرى، حيث تجد علامة لم يمحها الزمن.
ذلك اليوم تلقيت فيه أصعب تطعيم في حياتك والذي ألهب يدك لعدة أيام وتألمت منه كثيراً، ولكن هذا التطعيم ربما ينقذ حياتك الآن من فيروس كورونا Covid-19.
يقول الطبيب المصري أسامة حمدي والأستاذ في جامعة هارفارد «إن لقاح تلقاه معظم السوريين في صغرهم سيحميهم من فيروس كورونا»، مضيفاً أن «هناك دراسات علمية قيد التأكيد بالتجارب ربما يحمينا الله من فيروس كورونا بتطعيم تلقيناه جميعًا في الصغر».
وتفيد الدراسة بأن التطعيم ضد الدرن (السل) والذي اكتشفه الباحثان الفرنسيان كالميت وجورين عام ١٩٢١ بعد ١٣ سنة من البحث والذي يسمي لقاح BCG ينبه الجهاز المناعي بشدة ضد الكثير من فيروسات الجهاز التنفسي ويبقى تأثيره مدى الحياة في معظم الناس كما يستخدم في علاج بعض سرطانات المثانة لقوة تأثيره على الجهاز المناعي للجسم.
وتابع الدكتور قوله: «أصدقائي بمصر يذكرون لي سرعة شفاء الحالات المصابة في فترة وجيزة بالمقارنة بالدول الأخرى! فهل لذلك علاقة؟ لو كان كل هذا صحيحاً فإن رحمة الله بنا كبيرة وتعطينا هذه الملاحظة أملاً كبيراً في عبور هذه الفترة العصيبة لهذا الوباء!
لكن لماذا تعاني إيطاليا وإسبانيا من الجائحة "كورونا" بينما العالم العربي القريب يتقدم فيه الفيروس ببطء؟
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نشرت تقريراً جاء فيه أن 100 حالة محتملة بكورونا جاءت من مصر إلى عدد من دول العالم منها الولايات المتحدة، وبينما الولايات المتحدة هي أكبر دولة يتفشى فيها الفيروس فإن العدد الرسمي في مصر لم يتخطَّ الألف.
في المقابل دول المغرب العربي ومصر قريبة من إيطاليا ولديها علاقات وثيقة وجاليات كبيرة هناك، علماً بأن هناك تقارير إعلامية مصرية في وسائل إعلام حكومية تتحدث عن عودة أعداد كبيرة من المصريين من إيطاليا إلى قراهم في الوجه البحري.
هذا التفاوت الهائل بين انتشار الفيروس في أوروبا والولايات المتحدة من جهة والعالم الثالث بما فيه العالم العربي من جهة أخرى كان محفزاً للعلماء لإجراء دراسة كشفت السر وراء ذلك، حيث حدد العلماء اللقاح ضد السلّ كسبب محتمل بحسب الصحيفة.
وقالت دراسة أجراها باحثون من معهد نيويورك للتكنولوجيا: «وجدنا أن الدول التي ليست لديها سياسات لتعميم التلقيح بواسطة BCG (إيطاليا وهولندا والولايات المتحدة) قد تأثرت بشدة مقارنة بالدول التي لديها سياسات BCG العالمية وطويلة الأمد».
ووفقاً للدراسة فإن هناك 3 مستويات للتلقيح بهذا التطعيم.
المستوى الأعلى A: وهي الدول التي لديها برنامج تطعيم شامل، ويشمل هذا المستوى معظم دول إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، أما في أوروبا فيشمل شرق أوروبا وتركيا فقط.
المستوى المتوسط B: يشمل الدول التي اعتادت على التوصية بتلقيح BCG للجميع، لكنها لا تفعل ذلك حالياً: وهي الدول التي توقفت عن تزويد أطفالها بهذا التطعيم؛ لأن مرض السلّ قد اختفى لديها وهي معظم دول أوروبا الغربية وأستراليا.
أما المستوى الأدنى C: هي الدول لم يكن لديها أصلاً برامج تطعيم BCG شاملة، ومن هذه الدول: هولندا وبلجيكا، وكندا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، والدولتان الأخيرتان أكثر دولتين تعانيان المرض حالياً.
اللافت هنا أن "إسرائيل" تنتمي للفئة الثانية أو المتوسطة التي لم يعد لديها برنامج للتلقيح، وبالفعل مستوى انتشار المرض في إسرائيل أعلى كثيراً من محيطها العربي، رغم الإجراءات المشددة التي اتخذتها وكذلك تقدمها العلمي الذي لا تضاهيه أي من دول المنطقة.
لكن لإيران لغز أيضاً حول هذه اللقاح كونها تظهر في هذه الخريطة أنها من الدول لديها برامج لتطعيم الأطفال بلقاح BCG، فلماذا تحولت إلى إحدى أبرز بؤر المرض.
وتفسر الدراسة ذلك بأنه «كان هناك ارتباط إيجابي كبير بين عام بدء التطعيم الشامل بلقاح BCG وبين معدل الوفيات بمرض كورونا المستجد، بما يتفق مع احتمال أنه كلما كانت الدول أبكر في تعميم هذا اللقاح، زادت فرصة نجاة الجزء الأكبر من سكانها المسنين».
وبالفعل لدى إيران سياسة تلقيح BCG معمّمة على كل الأطفال حالياً، لكنها بدأت فقط في عام 1984، ولذا لديها معدل وفيات مرتفع جراء كورونا مع 19.7 حالة وفاة لكل مليون نسمة، حسب هذا التفسير.
على النقيض من ذلك، بدأت اليابان سياستها العالمية بشأن BCG في عام 1947 وحالياً لديها وفيات أقل بنحو 100 مرة لكل مليون شخص، مع 0.28 حالة وفاة.
وخلص الباحثون في الدراسة التي أجريت بالولايات المتحدة إلى أن «الجمع بين انخفاض معدلات الاعتلال والوفيات يجعل لقاح BCG أداة جديدة محتملة في مكافحة COVID-19».
وستحدد عينات الدم المأخوذة في بداية ونهاية التجارب التي يجريها العلماء من أصيب بفيروس كورونا، كما سيسجل المشاركون أي أعراض خلال فترة التجربة. ستراجع لجنة مراقبة البيانات في الدراسة النتائج بعد ثلاثة أشهر للبحث عن أي علامات تدل على أن اللقاح فعّال في مواجهة كورونا، وسيتم تقييم قدرة لقاح BCG على التخفيف من انتشار وشدة أعراض مرض كورونا المستجد.
المصدر: وكالات
شارك المقال: