لأول مرة في تاريخه .. فوج إطفاء حلب يشارك بعربة فنية في مهرجان القطن
أنطوان بصمه جي
لم تقف الحروق الأخيرة التي تعرض لها الإطفائي خالد المصري المعروف بأبو ميار من فوج إطفاء حلب (قسم السليمانية) عائقاً أمام متابعة عمله الإنساني المتمثل بإخماد الحرائق إضافة إلى استجابة الاستغاثات من الأهالي في الحالات الطارئة ، وما إن تقرر إقامة مهرجان القطن السنوي بدورته الـ 57 في حلب حتى راود أبو ميار أفكار كثيرة للمشاركة بعربة فنية باسم فوج إطفاء حلب.
بيديه الخشنتين بدأ رجل الإطفاء خالد المصري صاحب الخمسين عاماً بتحويل فكرته من دائرة مخيلته إلى عمل فني مبدع إذ استطاع أن يحول عربة إطفاء صغيرة الحجم إلى تحفة فنية مصنوعة من الذهب الأبيض وبألوان مختلفة سيشارك بها غداً باسم فوج إطفاء حلب في الكرنفال الذي يحظى بذكرة حلبية أصيلة والتي ستشارك به العديد من الجهات العامة والخاصة ذات العلاقة بصناعة القطن.
التفاني والجهد والمثابة ترتسم على وجه أبو ميار عند استقبالنا وترافقنا ابتسامته الواثقة بعمله المتقن إلى مخبأه السري ليطلعنا على (كنزه المكنون) المخبأ تحت سترة قماش ، وما إن انسدل الستار القماشي لتظهر تحفته الفنية التي استغرقت منه 12 يوماً إضافة لعمله السامي المتمثل بسماعة الهاتف لتلبية استجابات أهالي حلب في حال نشوب حريق وليعود من مهمته واضعاً نصب أعينه متابعة عمله في إكمال العربة الفنية منطلقاَ من مقولة "العمل من القلب لا بد أن يثمر"، آملاً في الحصول على المرتبة الأولى بين العربات المشاركة غداً والتي ستنطلق من شارع الرازي نهاية بساحة سعد الله الجابري.
إذ تعتبر مهنة رجل الإطفاء من أصعب عشر مهن في العالم وفقاً لما جاء في موقع "careeraddivt" إنطلاقاً من دوره السامي في حماية حياة الناس وتعامله مع النار مباشرة التي قد تؤدي لضررهم جراء استنشاقه الغازات السامة المنبعثة من الحريق أو فقدانه حياته، إلا أن أمر سرية الإطفاء أبو ميار لا يخشى النيران وحرارتها وما تخفي له من انفجارات مفاجئة الأمر الذي واجهه منذ اسابيع عند اندلاع حريق ضخم في منطقة الشعار وكاد التفجير أن يأتي بنتائج كارثة لولا لطف الله فمن شدة الانفجار وجد أبو ميار نفسه بعيداً عن الغرفة المحترقة وطار مسافة وضعته خارج دائرة النيران دون إصابات تذكر، ليستكمل عمله اليومي بتلبية نداءات الأهالي واستكمال تحفته الفنية.
تقف أمام العربة الفنية مندهشاً لينجذب انتباهك تلقائياً إلى أعلاها لتجد مدفعاً مائياً يعتبر رمزاً لفوج الإطفاء وفي مقدمته إشارة النصر ملونة بعلم سورية من القطن الطبيعي الخالص ، وتجوب اتجاهات العربة لتشاهد رسمةً فنيةً على شكل أوراق خضراء ترمز لخيرات سورية والنار رمزاً للإرهاب الذي عانته محافظة حلب بقربها فتاة صغيرة ستخرج من النار.
يضيف أبو ميار أن الفتاة المرسومة من الذهب الأبيض (القطن) ترمز للبذرة الجديدة التي ستنبت وكناية عن نوعية القطن الذي سيعود إلى سابق عهده المشهود له لتبقى سورية تحتل المراتب الأولى في زراعة القطن كونه يعتبر من النوعية المتميزة الذي يضاهي الصناعات النسيجية الإنكليزية أما في مقدمة (العربة) سيارة الإطفاء فتم تشكيل لوحة فنية عبارة عن شعار فوج إطفاء حلب فترى الخوذة والسلم والمدفع المائي (القاذف) والبلطة وفي أسفلها عبارة فوج إطفاء حلب والنداء الهاتفي 113 المستخدم لاستغاثة المواطنين ، فيما ترتسم لوحة فنية أخرى على جانب العربة الأيسر خريطة سورية وبجانبها مشعلين مضيئان.
في حين أن الجانب الأيمن ارتسمت عليه لوحة فنية لبرنامج الأطفال التنين الصغير الملقب باسم (جريسو GRISU) الذي يرغب بالعمل في الإطفاء كونها مهنة إنسانية وسامية ومن المعروف (أن التنين يلفظ النار من فمه ، ففي برنامج الأطفال يرفض والد جريسو أن يعمل ابنه في الإطفاء ويقف في وجهه مرات عدة كونها مهنة فيها الكثير من العناء ، فوالده يلفظ النار على مبداً سياسة الأرض المحروقة ويركض الولد ليخمد النيران) وفوقها خريطة سورية وتحملها حمامة سلام والنار مشتعلة في أسفلها والتنين الصغير غريسون يحاول إخمادها مما يرمز لرسالة سلام إلى سورية أما من خلف العربة فتشاهد حمامتين سلام المرغوب به أن يعم كافة ربوعها.
بإنجاز هذه العربة الفنية المغطاة بالقطن الطبيعي سيدخل الرجل الخمسيني ذاكرة تاريخ فوج إطفاء حلب انطلاقاً من فكرة المشاركة الأولى لفوج الإطفاء بعربة فنية بعد أن اقتصرت مشاركة الفوج بآلياته فقط ضمن الموكب الرسمي الذي يجوب بعض الشوارع التي يعرفها أهالي حلب، ليرتسم السؤال الأبرز أمام ما شاهدته أعيننا من تحفة تشكيلية مشغولة بأيدي مثقلة بالحروق.. هل يستطيع الإطفائي أبو ميار أن ينال المرتبة الأولى بمشاركة العربة الفنية ويحصد القليل من الجوائز.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: