إعادة الإعمار بالكلام فقط !
د. عمار اليوسف
وما زلنا وبعد ثمان سنوات من الحرب نكرر عبارة ( إعادة الاعمار ) في وسائل إعلامنا وعند اللقاء بأي مسؤول حكومي حتى أصبحت عبارة إعادة الاعمار من العبارات التي تجعل المواطن السوري يتوتر بمجرد ذكره لها .
ماذا فعلنا؟ وماهي الإجراءات التي قامت بها الحكومة لتحقيق ما يسمى إعادة الإعمار؟
حتى هذه التاريخ اقتصرت تلك الإجراءات على بعض مذكرات التفاهم وبعض المعارض المسماة بمعارض "إعادة الاعمار"، وبعض الزيارات المتقطعة لبعض التجار الأجانب إضافة إلى التصريحات الحكومية التي لم تتوقف أبداً، وأصبحت خبزاً يومياً يقتات على أحلام المواطن السوري.
قبل أن نتحدث عن إعادة الإعمار لا بد لنا من تحديد ما هي مقومات إعادة الإعمار في سوريا.
بداية: لكي نبدأ يجب علينا تحديد ما الذي سيعاد إعماره بالضبط بمعنى آخر علينا تحديد حجم الدمار بشكل فعلي وحقيقي وليس بناء على تصريحات غير مدروسة، وبكافة أنواعه الظاهرة للمراقب العام وغير الظاهرة التي يمكن اعتبارها أضرار ثانوية ناجمة عن الأضرار الأصلية فعندما نتحدث عن تدمير ما يزيد عن مليونين مسكن في سوريا، لا بد من إدخال ما تم تدميره من طرقات وجسور وبنى تحتية ضمن هذا الدمار، فلم يعد الدمار مقتصراً على 2000,000 مسكن بل أمتد إلى أكثر من ذلك من بنى تحتية متعلقة بهذه المساكن.
ثانياً: لا بد في المرحلة الثانية من مقومات إعادة الإعمار التفكير في كيفية وقف عمليات التدمير الممنهج التي تقوم بها الجماعات المسلحة وخاصة في المناطق التي ما زالت تحت سيطرتها لحصر الدمار بأقل حجم ممكن.
ثالثاً: لا بد لنا من إيجاد البنية التحتية لإزالة أثار الدمار ونقصد بذلك إزالة الأنقاض وإعادة تدويرها للاستفادة منها ما أمكن وهو أمر لم يتم البحث به حتى هذا الوقت.
رابعاً: معرفة حجم الخسائر المتعلقة بفوات المنفعة فيما لو لم يتم هذا التدمير بالبنى التحتية، وذلك لسبب مهم هو إيجاد نظرة مستقبلية لتجاوز تلك الخسائر وإلغاء آثارها السلبية.
خامساً: البدء بالتفكير الجدي بتمويل عمليات إعادة الإعمار وذلك بشكل فعلي وحقيقي بعيداً عن التمنيات والأحلام الزائفة وبإرادة فعلية وطنية وليست خارجية من خلال اعتماد بدائل التمويل الداخلي، وليس الخارجي وإيجاد الحلول الخلاقة التي تضمن هذا الأمر.
سادساً: إيجاد الخطط الفعلية والمدروسة للبدء الفعلي بإعادة الإعمار والاعتماد بداية على تأهيل الزراعة وقبل كل شيء، والعمل على تأهيل المشاريع الصناعية القابلة للعمل الفوري والابتعاد قدر الأمكان عن إزالة المناطق الصناعية القابلة للتأهيل ومثال ذلك منطقة "القابون الصناعية".
سابعاً: البدء بعمليات إصلاح إدارية شاملة تهدف إلى محاربة الفساد وإعادة تأهيل البنى الإدارية بطريقة تتناسب مع المرحلة القادمة، والابتعاد عن الندوات وورشات العمل غير المجدية.
ثامناً: تأمين الدخل المناسب للفرد السوري وتحسين معيشته من خلال استهدافه بإجراءات اقتصادية يكون أساسها رفع مستوى الدخل وتثبيت الأسعار ليتم الاستفادة من هذه الإجراءات الأمر الذي ينعكس على راحة المواطن مما يجعله أكثر إنتاجية.
تاسعاً: العمل على تثبيت سعر الصرف لليرة السورية مقابل العملات الأخرى وهي ناحية مهمة جداً فبدون هذا التثبيت لا يمكن بأي حال من الأحوال جذب الاستثمارات الخارجية ونقول هنا التثبيت وليس التخفيض.
عاشراً: تأمين حوامل الطاقة ونقصد هنا الكهرباء والمحروقات باعتبارها أهم عوامل إعادة الاعمار فمن غير المعقول أن نقول أننا نعيد الإعمار في وقت لا نستطيع فيه تأمين حوامل الطاقة للبدء بعمليات الإنتاج.
هنالك مئات البنود التي يمكن ذكرها كمقومات لإعادة الإعمار لكن هذه البنود هي أهمها وهي الأمور التي يمكن أن تؤسس لهذه المرحلة المهمة في بلد تم تدمير ما يزيد عن 60 % من بناه التحتية والاقتصادية لكن المهم أن يبدأ العمل فعلياً بهذه المرحلة وبشكل جدي وكفانا معارضاً وتصريحات وورشات عمل وأحلاماً وردية غير قابلة للتحقق مع العلم أن إعادة الإعمار كان يجب أن تبدأ منذ سنوات وخاصة في المناطق التي عاد إليها الأمان في بداية الحرب لكن ذلك لم يحدث والسبب قد يكون معروفاً.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: